هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 603 - الجزء 3

  ومقلد المخطئ لم يحصل على شيء، غاية الأمر سقوط الحق⁣(⁣١) عنه باعتبار ظنه أنه على الحق.

  احتج (الثاني) وهو القائل بتصويب الكل بوجهين: أولهما: أن التخطئة توجب أحد المحذورين؛ لأن المخطئ في اجتهاده إما أن يبقى الحكم الذي هو الصواب في نفس الأمر في حقه أو لا، والكل باطل؛ لأن (بقاء الصواب) في حق المخطئ ووجوبه عليه (مع) وجوب (الخطأ) الذي ظنه الصواب عليه (نقيضان) والتكلف بهما محال (وعدمه) أي: عدم بقاء الصواب في حق المخطئ (إيجاب خطأ وتحريم صواب) وهو أيضاً محال⁣(⁣٢).

  (ورد بثبوت الثاني)⁣(⁣٣) وهو زوال الحكم الأول في حق المجتهد المخطئ،


(١) في نسخة: سقوط الإثم.

(٢) عبارة المختصر وشرحه للجلال: احتجت المصوبة بأن قالوا: لو كان المصيب واحداً لوجب النقيضان، بيان الملازمة أنه قد وقع الإجماع على وجوب مجتهده الذي خالف مطلوب الله المعين قبل الاجتهاد، ومع وجوب هذا المخالف للمطلوب يلزم طلب الجمع بين النقيضين: الحل هو الحرمة في حال واحد باعتبار مكلف واحد، وإن لم يكن طلب المطلوب باقياً لزم إيجاب الخطأ؛ لأن الفرض أن المطلوب واحد وقد ارتفع وجوبه، فإيجاب غيره إيجاب خطأ. اهـ بتصرف يسير.

(٣) من طرفي الترديد، أي: باختياره «والنقض له بدليل» الاتفاق «على أنه لو كان فيها» أي: المسألة «نص أو إجماع» يمنع الاجتهاد فاجتهد فيها بخلاف مقتضى النص والإجماع «ولم يطلع عليه» أي: على أحدهما «وجب مخالفته» اتفاقاً «وهو خطأ» فما هو جوابكم في محل الاتفاق فهو جوابنا في محل الخلاف، «وهذا» أي: مخالفة ما لا نص عليه ولا إجماع «أجدر» بالإيجاب من مخالف النص والإجماع، هذا تقرير كلامه، ولا يخفى ضعف النقض؛ لأن النص والإجماع إن كانا قطعيين فوجوب مخالفتهما ممنوع، وإن كانا ظنيين فنقض بمحل النزاع، فالجواب الحق منع لزوم طلب الجمع بين النقيضين، مسنداً بأن طلب خلاف ما في الواقع مشروط بعدم الاطلاع على ما في الواقع، فكلاهما مطلوب بشرط في قوة: يجب هذا إن علم وجوبه وإلا وجب الآخر، فيندفع طلب الجمع بين النقيضين في حال واحد؛ لاختلاف وحدة الشرط، ويندفع وجوب الخطأ؛ لظهور كونه مطلوباً بشرط قد حصل، وبهذا التحقيق يرتفع الخلاف رأساً. ولا يجدي احتجاج المصوبة بما قالوا من أن النبي ÷ قال: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» ولو كان أحدهم مخطئاً لم يكن هدى؛ وذلك لأنه قد أجيب بأنه أي: كل واحد من الواجبين المرتبين على الشرطين هدى؛ لأنه أي: العامل على أحدهما بعد وجود شرطه فعل ما يجب عليه، سواء كان العمل من مجتهد أو مقلد. (مختصر وشرحه للعلامة للجلال).