[تعريف الاجتهاد]
  أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر»، وأخرج الجماعة كلهم عن أبي هريرة نحوه، قال الترمذي: وفي الباب عن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر، وفي رواية للحاكم: «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله عشرة أجور»، ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد، وعن عقبة بن عامر أن رسول الله ÷ قال له في قضاء أمره به: «اجتهد فإن أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة»، وروى نحوه أحمد بن حنبل(١) في مسنده، وحملهم التخطئة على صورة وجود القاطع أو ترك استقصاء المجتهد بعيد لا سيما من الصحابة ¤، والحاكم المقصر مأزور فلا يكن مأجوراً.
  تنبيه: أجر المخطئ على بذل الوسع لا على نفس الخطأ؛ لعدم مناسبته، ولأنه ليس من فعله، والمصيب يتعدد الأجر في حقه، فله أجر على بذل الوسع كالمخطئ وأجر أو أجور(٢) إما على الإصابة لكونها من آثار صنعه، وإما لكونه سن سنة حسنة يقتدي بها من يتبعه من المقلدين لاهتدائهم به لمصادفتهم الهدى،
(قوله): «وجود القاطع» أي: وجوده في الواقعة، ولا كلام مع وجوده في خطأ المخالف.
(قوله): «أو ترك استقصاء المجتهد» أي: تقصيره في الاجتهاد وعدم استفراغ الوسع في ظن الصواب.
(قوله): «بعيد» لما فيه من الحمل على غير السلامة «لا سيما من الصحابة» المنزهين عن ذلك؛ لسهولة معرفتهم للمأخذ وجدهم في إظهار الصواب.
(قوله): «وأجر أو أجور» اعترض بعض الناظرين بأن الأحاديث على التثنية والجمع، فالإفراد محل نظر. والأولى ما في الكتاب؛ إذ المراد أن المصيب له أجران أو أجور، فأحد الأجرين أو الأجور على بذل الوسع كالمخطئ، والبقية من الأجرين أو الأجور على الإصابة.
(١) الأحاديث في الحاكم المجتهد لا في مطلق المجتهد، فالحاكم إذا اجتهد وعمل بشهادة عادلة وقطع أنها الحق فقد أصاب حكم الله، فإن كانت الشهادة زوراً إما لوهم الشهود أو نحو ذلك فقد أخطأ الواقع مع إصابته لحكم الله، فإنه تعالى أمره بالعمل بالشهادة بدليل قطعي لا تجوز مخالفته، ولا إثم على من عمل بحكم الله وأخطأ الواقع؛ ولذا قال ÷: «فإنما أقطع له قطعة من نار»، فجعل أحاديث الحاكم وتخطئته في الواقع لا في الحكم دليلاً على تخطئة المجتهد من نصب الدليل على خلاف محل النزاع. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر).
(٢) في نسخة: وأجران أو أجور.