هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: هل يجوز للمجتهد أن يقلد غيره قبل اجتهاده]

صفحة 611 - الجزء 3

  (و) ثالثها: جواز تقليد المجتهد (لأعلم) منه، وهو قول محمد بن الحسن الشيباني وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة؛ وذلك لرجحان الأعلم عليه، بخلاف المساوي والأدنى.

  (و) رابعها: جواز تقليده (لصحابي راجح) في نظره على غيره من الصحابة المخالفين له (وإلا خير) المجتهد في تقليد أيهم شاء (مع الاستواء) في النظر، وهذا مذهب مالك والجبائي وأحد قولي الشافعي وأحمد، والوجه رجحان الصحابي على غيره.

  (و) خامسها: جواز تقليده لمجتهد غيره (فيما يخصه) من الأحكام لا فيما يفتي به غيره.

  (و) سادسها: جواز تقليده لغيره (فيه) أي: فيما يخصه إذا كان (مضيقاً) بحيث يفوت وقته لو اشتغل بالاجتهاد، وهو قول ابن سريج، وهو قريب (لعدم التمكن من الأصل) الذي هو الاجتهاد والوقت باق.

  احتج المجوز مطلقاً بوجوه، منها قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٤٣}⁣[النحل]، ومنها حديث⁣(⁣١): «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، أما الآية فلأنه قبل الاجتهاد لا يعلم، والآخر من أهل الذكر، فيسأله للعمل، وأما الحديث فظاهره العموم، خص منه من اجتهد بالإجماع، فيبقى ما عداه.

  (و) الجواب: أن الأمر في (اسألوا أهل الذكر و) الخطاب في (أصحابي


(قوله): «لا فيما يفتي به غيره» إشارة إلى أن المراد بما يخصه ما يكون الغرض من الاجتهاد تحصيل رأي فيما يشتغل بعمله لا فيما يفتي به غيره، وليس المراد اختصاص الحكم به بحيث لا يعم غيره من المكلفين.


(١) احتج من جوز للمجتهد تقليد الصحابي بقوله ÷: «أصحابي ... إلخ»، قلنا: خطاب للمقلدين، وإلا كان الصحابي حجة ومحجوجاً. (جلال).