[التقليد]
[التقليد]
  (فصل) لما كان التقليد وما يتبعه من معرفة المقلد والمقلد وما يقلد فيه مقابلاً للاجتهاد حسن إلحاقه به [فقال](١): (التقليد) مأخوذ من القلادة، كأن المستفتي جعل الفتيا قلادة في عنق المفتي، وأما في الاصطلاح فهو (قبول قول الغير دون حجته) أي: حجة ذلك القول المقتضية له، فالقبول كالجنس، والمراد به الاعتقاد والإذعان المقتضي للاتباع، والمراد بالقول الرأي والمذهب، فيشمل القول والفعل، وإضافته إلى الغير تخرج المعلوم بالضرورة؛ لعدم اختصاصه بذلك المجتهد، وما كان من أقواله وأفعاله التي ليس له فيها اجتهاد؛ لأنها لا تسمى قولاً له بالمعنى الذي ذكرناه. وقوله: دون حجته يخرج المجتهد الموافق اجتهاده لاجتهاد آخر؛ لأنه إنما قبل ذلك الحكم وأخذه من الدليل لا من المجتهد، وقولهم: أخذ الشافعي بمذهب مالك في كذا وأخذ أحمد بمذهب
(قوله): «مقابلا للاجتهاد» إشارة إلى أن البحث عن التقليد بالعرض ومن جهة أنه مقابل للاجتهاد؛ ولهذا لم يجعله # من المقاصد، لكن أما معرفة المقلد والمقلد فليس مقابلا للاجتهاد، ففي الكلام تسامح.
(قوله): «كأن المستفتي جعل الفتيا قلادة ... إلخ» تسامح المؤلف # في هذه العبارة، أو كأنه مبني على اتحاد الاستفتاء والتقليد كما اختار في مسألة التزام مذهب إمام اتحاد التقليد والالتزام، وحينئذ فيلزم اتحاد الثلاثة، والذي في الفصول واختاره الإمام شرف الدين عدم اتحاد الثلاثة، وهو المعتمد، فينظر ما الوجه في عدول المؤلف # عن ذلك[١]؟
(قوله): «المقتضية» أي: الحجة «له» أي: للقول، والمراد بالحجة ما يعم الإمارة.
(قوله): «والمراد به الاعتقاد» فإذا اعتقد المقلد ثبت التقليد سواء انضم إليه العمل أم لا.
(قوله): «والمراد بالقول الرأي والمذهب» قال في شرح الجمع: القول يطلق على الرأي والاعتقاد إطلاقاً شائعاً حتى صار كأنه حقيقة عرفية انتهى. وأيضاً المراد بالقول ما يعم الفعل والتقرير تغليباً، ذكره في حواشي شرح المختصر.
(قوله): «دون حجته يخرج المجتهد الموافق اجتهاده لاجتهاد آخر ... إلخ» ظاهره أنه يصدق على المجتهد الموافق أول التعريف، وهو قبول قول الغير، بمعنى اعتقاد قول المجتهد الآخر والتصديق به، وأما خروجه بقوله: دون حجته فمبني على أن معنى دون حجته أي من دون حجة قول الغير، بل اعتقد قول الغير بحجة لنفسه أقامها، وهذا المعنى مستقيم مع تغاير الحجتين، وأما مع اتحاد حجتهما بأن اتفق منهما الاستدلال بآية أو بخبر فلعل قوله: من دون حجة قول الغير يصدق عليه إذا اعتبر تغاير الحجة بالاعتبار فتأمل
(١) ما بين المعقوفين من المطبوع.
[١] لا مشاحة في الاصطلاح، وسينبه عليه نقلا عن شرح المختصر. (حسن بن يحيى الكبسي).