[التقليد]
  الشافعي في كذا تجوز، ويخرج أيضاً الرجوع إلى قول النبي ÷، وكذا إلى الإجماع، ورجوع القاضي إلى الشهود في شهادتهم؛ لقيام الحجة فيها. وأما رجوع العامي إلى المفتي فإضافة الحجة إلى ضمير القول أدخلته(١) كما لا يخفى.
(قوله): «لقيام الحجة فيها» فقول الرسول بالمعجزة، والإجماع بما مر في حجيته، وقول الشاهد بالإجماع، كذا في شرح المختصر، مثلا قبول قوله ÷: «فيما سقت السماء العشر» لحجته، وهي المعجزة، وقس الإجماع والشاهد عليه.
(قوله): «وأما رجوع العامي[١] إلى المفتي» أي: سؤاله. واعلم أن ابن الحاجب لم يفرق بين رجوع العامي إلى المفتي وبين الرجوع إلى الشهادة إلى الإجماع في قيام الحجة على قبول قول المفتي، وهي الإجماع، فأخرجه عن التعريف، واعتذر في شرح المختصر لمن سماه تقليداً بأنه لا مشاحة في الاصطلاح، وأما المؤلف # فأضاف الحجة إلى ضمير القول، وأخرج بهذه الإضافة الرجوع إلى الشهادة وإلى الإجماع كما عرفت، ولم يخرج رجوع العامي إلى المفتي بتلك الإضافة، بل جعله بها داخلا في التعريف بناء على أن الإجماع إنما قام على العمل بقول المفتي مثلا في تلك المسألة لا على حجة قوله في تلك المسألة، وينظر في وجه الفرق[٢] بين هذا وبين الإجماع؛ فإن حجة الإجماع أيضاً إنما قامت على العمل بالإجماع لا على حجة قول أهل الإجماع في تلك المسألة، أعني مستندهم فيها.
(١) قال عبدالرحمن جحاف ¦: لأن قول المفتي في حق العامي كالدليل في حق المجتهد، وكل ذلك أخذ بالحجة، وليس من التقليد، ولو سمي عرفاً أخذ المقلد العامي بقول المفتي تقليداً فلا مشاحة في التسمية والاصطلاحات، انتهى. فالمؤلف أدخله في التقليد؛ لأنه لما أضاف الحجة إلى ضمير القول أي: دون حجة ذلك القول، والعامي المستفتي هو كذلك بألا يطالب بدليل ذلك القول، وإن كان أخذه بقول المفتي بدليل وهو الإجماع فتأمل.
[١] في حاشية هنا: قف وتأمل في كلام المؤلف وكلام العضد فالمحل مشكل. (ح عن خط شيخه).
[٢] لعل وجه الفرق أن أهل الإجماع إذا أجمعوا على حكم شرعي فعمل المجتهد بمقتضى ذلك الإجماع فقد تابعهم في ذلك القول بحجته، أي: بحجة القول التي هي الإجماع، وأما إذا رجع العامي إلى المجتهد في قول فقد تابعه للدليل الذي هو الإجماع على رجوع العامي إلى المفتى دون حجة ذلك القول، وتحقيق الفرق أن المتبع فيه هو نفس القول، أعني الرأي والمذهب سواء كان صادراً من أهل الإجماع أو من مجتهد واحد، فإذا تابع المجتهد أهل الإجماع في قولهم فقد تابعهم في القول مع حجته التي هي الإجماع، وأما المقلد إذا تابع المجتهد في قول فقد تابعه في القول بدون حجته، أي: حجة القول؛ إذ الإجماع إنما قام على جواز رجوع العامي إلى المفتى لا على حجة قوله، يزيده إيضاحاً أنا نقول في الطرف الأول: قام الدليل أعني الإجماع على كذا ونريد الحكم المجمع عليه، ونقول في الطرف الثاني: قام الدليل على جواز رجوع العامي إلى قول المجتهد، ولا يصح لنا أن نقول: قام الدليل على خصوصية ذلك الحكم فليتأمل، والله أعلم. (من أنظار السيد أحمد بن إسحاق بن إبراهيم رحمهم الله ح).