هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف التعادل والترجيح]

صفحة 656 - الجزء 3

  لوجود قسم آخر، وهو العمل بجموعهما، وذلك بأن يجعلا كالدليل الواحد⁣(⁣١)، وحينئذ يتوقف المجتهد أو يتخير - يرجع به إلى العبث؛ لبطلان حكمهما مع التوقف؛ لأن المجتهد حينئذ يطرحهما ويرجع في الحادثة إلى غيرهما من الشرع أو العقل، وللزوم ترجيح الإباحة على الحرمة مع التخيير أو ترك الوجوب والحرمة⁣(⁣٢)، وقد ثبت بطلان ذلك.

  (وأما) التعادل بين الأمارتين (في نظر المجتهد) بحيث لا ترجح إحداهما على الأخرى عنده (فجائز اتفاقاً، فيعمل) فيما تعارضا فيه (بغيرهما) من شرع أو عقل، وهذا مذهب أصحابنا وأكثر الفقهاء (وفي التخيير) بينهما كما ذهب إليه القاضي الباقلاني والجبائيان لزوم (الترك) للأمارتين حيث كان مدلول إحداهما واجباً والأخرى محظوراً؛ لأن العمل بأمارة الوجوب يرفع التحريم، والعمل بأمارة التحريم يرفع الوجوب (أو) لزوم (التشهي) في الشرع حيث كان أحد مدلولي الأمارتين إباحة والآخر تحريماً، فإن العمل بأمارة الإباحة حينئذ اتباع للشهوة في الشرع، وعلى القول بالتخيير يعمل المجتهد والمستفتي فيما يتعلق به بما شاء في غير الخصومات؛ إذ لو خير الخصمان بطل نصب الحكام، فعلى هذا لو حكم بإحدى الأمارتين لم يجز له بعد ذلك أن يحكم بالأخرى.


(قوله): «أو ترك الوجوب والحرمة» لما عرفت من أن التخيير يرفع حكمها.


(١) بأن يتأولا بشيء يكون جامعاً لهما.

(٢) لما عرفت من أن التخيير يرفع حكمهما.