[مسألة: في جهات الترجيح بحسب أمر خارج]
  (والآخر) وهو ما لم يرد على سبب يقدم (عليه) أي: على ذي السبب (في غيره) أي: في غير السبب؛ للخلاف في تناول الوارد على سبب لغير صورة السبب، كحديث: «من بدل دينه فاقتلوه»، مع حديث النهي عن قتل النساء والولدان الوارد في نساء أهل الحرب فيقصر على الحربيات ويرجح الأول في المرتدات، وأما في صورة السبب فيقدم العام ذو السبب؛ لأنه إما خاص به على رأي أو واجب الدخول على رأي ولذلك لا يجوز إخراجه من العموم.
(قوله): «والآخر، وهو ما لم يرد على سبب» نحو: «من بدل دينه فاقتلوه» فإنه يقدم على ذي السبب وهو النهي عن قتل النساء «في غيره أي: في غير السبب» وهو الحربيات، فتقتل النساء المرتدات ولا يعمل بعموم النهي عن قتلهن، هذا تقرير ما أفهمت العبارة، لكن لا يخفى أنه لا تعارض بين من بدل دينه فاقتلوه وبين النهي عن قتل الحربيات الأصليات غير المرتدات؛ إذ لا يصدق التبديل في حقهن، إنما التعارض بين من بدل دينه فاقتلوه وبين النهي عن قتل المرتدات غير الحربيات والمرتدات إذا صرن حربيات، فيعمل بحديث التبديل في المرتدات لا في الحربيات سواء كن مرتدات ثم صرن حربيات أو كن من الأصل حربيات، لكن يشكل بأنه لا بد حينئذ من أن يحمل الحربيات في قول المؤلف #: في غير السبب وهو الحربيات على المرتدات إذا صرن حربيات، وذلك بعض السبب لا كله؛ إذ السبب مطلق الحربيات لا المرتدات منهن، فلا يخلو هذا المثال عن إشكال[١]، وقد مثله النيسابوري في الرفو بقوله ÷: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» مع قوله ÷: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب»، فيرجح الأول بالنسبة إلى شاة ميمونة، ويرجح الثاني على الأول في غيرها، فلا تثبت الطهارة في جلد غير الشاة.
(قوله): «على ذي السبب وقوله: في غيره أي في غير السبب» إنما قال في الأول: ذي السبب لأن المراد به هو النهي، وهو ذو السبب، فأما الثاني فالمراد به السبب نفسه وهو الحربيات.
(قوله): «فيقصر» أي: النهي «على الحربيات» سواء كن مرتدات ثم صرن حربيات أو كن من الأصل حربيات، وأما الولدان فلا حكم لردتهم.
(قوله): «وأما في صورة السبب» وهو الحربيات «فيقدم العام ذو السبب» وهو حديث النهي.
(قوله): «لأنه إما خاص به» أي: بالسبب على رأي ... إلخ.
[١] الظاهر والله أعلم أن التعارض بين من بدل دينه فاقتلوه وبين نهي عن قتل النساء مع قطع النظر عن كونهن حربيات، ووروده في الحربيات هو السبب فلا إشكال، والله أعلم. (شيخنا المغربي دامت إفادته ح).