هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جهات الترجيح بحسب أمر خارج]

صفحة 689 - الجزء 3

  كان آخر الأمرين من رسول الله ÷ ترك الوضوء مما مست النار، وكحديث ابن عباس في شاة لمولاة لميمونة ماتت فقال: «هلا انتفعتم بجلدها» مع حديث عبدالله بن عكيم أن رسول الله ÷ كتب إلى جهينة قبل موته بشهر: «أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب⁣(⁣١)».

  وقد عد من القرائن تأخر إسلام الراوي⁣(⁣٢)، ووفق بينه وبين ما تقدم من الترجيح بتقدم الإسلام بأن الأول فيما علم اتحاد زمان روايتهما لثبات قدم الأقدم في الإسلام، والثاني فيما علم موت المتقدم قبل إسلام المتأخر، أو أن أكثر روايته قبل إسلام المتأخر، والغالب كالمتحقق، أو أن روايته هذه قبل رواية المتأخر.

  (و) منها: (العام) الوارد (على سبب) خاص فإنه يقدم على غيره (في) صورة (السبب)⁣(⁣٣) خاصة؛ لقوة دلالته عليها، ولذا امتنع إخراجها بالتخصيص


(قوله): «قبل موته بشهر» هلا حكم للمطلقة بأقرب وقت.

(قوله): «وقد عد من القرائن» عده ابن الحاجب.

(قوله): «ومنها العام الوارد على سبب خاص» كالنهي عن قتل النساء؛ لوروده في الحربيات كما يأتي قريباً.

(قوله): «فإنه يقدم على غيره» وهو: «من بدل دينه فاقتلوه» «في صورة السبب خاصة» وهو النساء والحربيات «لقوة دلالته» أي: العام الوارد في الحربيات «عليها» أي: على صورة السبب «ولذا امتنع إخراجها بالتخصيص» عن عموم النهي عن قتل النساء.


(١) هذا خلاف ما قرر للمذهب من أنه يحكم للمطلقة بأقرب وقت، وكأنه لذلك قال في المنهاج: وفيه نظر.

(٢) مثاله حديث طلق: «من مس ذكره فليتوضأ» مع حديث أبي هريرة: «إنما هو بضعة منك» فإن طلقاً متقدم الإسلام؛ لأنه أسلم وكان يبنى مسجد رسول الله ÷، وأبو هريرة أسلم سنة خيبر. (عن خط العلامة الجنداري). قلت: وما ذكر هنا من رواية طلق لحديث النقض أشار إليه العلامة البدر الأمير حكاية عن ابن حزم في شرح بلوغ المرام، والمشهور عن طلق رواية حديث عدم النقض، والغرض هنا التمثيل.

(٣) مثاله قوله ÷ وقد مر بشاة ميمونة: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» مع قوله ÷: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب»، فيرجح الأول بالنسبة إلى الشاة؛ لأن محذور المخالفة فيه نظراً إلى تأخر البيان عما دعت إليه الحاجة أتم من المحذور اللازم من المخالفة في الآخر؛ لكونه غير وارد في تلك الواقعة. (نيسابوري).