هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في الترجيح بين المنقول والمعقول]

صفحة 706 - الجزء 3

  الناصة على الغرض المطلوب الدالة عليه بالمطابقة أو التضمن أرجح من الحد الذي يكون مشتملاً على غير تلك الألفاظ كالمجازية والمشتركة والغريبة والمضطربة والدالة على الغرض بالالتزام؛ لقرب الأول إلى الفهم وبعده عن الخلل والاضطراب (و) منها (الأعرفية)⁣(⁣١) فيقدم الأعرف على الأخفى؛ لأن الأول أفضى إلى الغرض المطلوب من الثاني، قال العلامة في شرح المختصر ما معناه: فيقدم الحسي ثم العقلي ثم العرفي ثم الشرعي، أما تقديم الحسي على العقلي والعقلي على العرفي فظاهر، وأما تقديم العرفي على الشرعي فلعل وجهه أنهما مع اشتراك مقابليهما في المرجوحية يمتاز العرفي بكون مقابله في الأغلب مهجوراً بالمرة، ولا كذلك الشرعي، فكان العرفي أعرف. ولم يذكر العلامة اللغوي، ويمكن أن يقال: مرتبة اللغوي الذي لم يتطرق إليه نقل أرجح من العرفي؛ لعدم الاحتمال فيه، والله أعلم (و) منها (الذاتية)⁣(⁣٢) فالحد المشتمل على الذاتيات مقدم على ما اشتمل على العرضيات؛ لأنهما وإن اشتركا في إفادة التمييز عن سائر الأغيار فقد اختص الأول بإفادة تصور حقيقة المحدود دون الثاني (و) منها (الأعمية)⁣(⁣٣) فإذا كان مدلول أحد الحدين أعم من مدلول الآخر رجح الأعم تكثيراً للفائدة (و) قد (يعكس) في رأي؛ للاتفاق على مدلول الأخص


(قوله): «مهجوراً بالمرة» كالدابة لكل ما يدب.

(قوله): «ولا كذلك الشرعي» كالصلاة بالنظر إلى الدعاء.

(قوله): «تكثيراً للفائدة» لكثرة جزئيات محدوده.

(قوله): «للاتفاق على مدلول الأخص» وهذا هو الموافق لما سبق في ترجيح الأدلة.


(١) مثاله قول الشافعي والحنفي والأكثر: الحوالة نقل الدين من ذمة إلى ذمة، مع قول بعضهم: إنها ضم الذمة إلى الذمة في الدين؛ إذ الأول أشهر. (رفواً).

(٢) مثاله: الوضوء طهارة حكمية تشتمل على غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس، مع قول الآخر: الوضوء عبادة تشتمل على غسل الأعضاء الثلاثة، فإن الطهارة المذكورة ذاتية للوضوء اتفاقاً، وكونه عبادة عرض مفارق عند الخصم. (نيسابوري).

(٣) مثاله ما مر آنفاً في الوضوء، يعني: إذا قلنا: طهارة حكمية دخل فيه طهارة الصبي والوضوء بغير نية، وإذا قلنا: عبادة خرج وضوء الصبي وبغير نية، وفيها الخلاف، فالأول أعم. (نيسابوري).