[مسألة: في الترجيح بين الحدود السمعية]
  والاختلاف فيما عداه (و) هاهنا ترجيحات بأمور خارجة، منها (الموافقة) من أحد الحدين (لنقل الشرع أو اللغة)(١) دون الآخر، فإن الموافق أولى؛ لكونه أبعد عن الخلل وأغلب على الظن ومقرراً لوضعهما دون الآخر (و) منها (القرب منه) أي: من نقل الشرع أو اللغة، فإذا كان أحدهما مناسباً للمعنى الشرعي أو اللغوي دون الآخر(٢) قدم؛ لما ذكر (و) منها (قوة طريق الاكتساب) فما كان طريق إثباته أرجح فهو أولى؛ لقوة الظن (و) منها (موافقة إجماع أو قول معصوم أو عمل علماء) ولو واحداً؛ لما ذكر (و) منها (تقرير حكم حظر(٣) أو درء) الحد(٤)، فإذا كان أحدهما مقرراً لأحد الأمرين والآخر بخلافه قدم المقرر؛ لما تقدم، وفيه من الخلاف ما تقدم.
  (خاتمة: للترجيح طرق كثيرة) غير ما ذكرناه، ومدارها على غلبة الظن، وقد سبق كثير منها، كتقديم بعض مفاهيم المخالفة على بعض، وبعض ما يخل بالفهم
(قوله): «فما كان طريق إثباته أرجح فهو أولى» فما نقل بالتواتر أو كان رواة نقله أكثر أو أوفق أو نحو ذلك مما مر أرجح؛ إذ الحد السمعي منقول، وكل منقول فطريق النقل فيه قابلة للشدة والضعف «أو عمل علماء ولو واحد» بالجر[١]، أي: ولو عمل واحد.
(قوله): «وفيه» أي: وفي تقديم المقرر.
(١) مثاله: الخمر ما أسكر، فإنه موافق لقول الشارع: كل مسكر خمر، بخلاف قول الآخر: هي ماء العنب إذا أسكر، ذكره الإمام المهدي #، والأول موافق أيضاً للغة؛ لأن معناه ما يخامر العقل، وذلك عبارة عن الإسكار، دون الثاني، ذكره في الرفو.
(٢) مثاله ما لو قيل في الخمر: شراب يخشى منه زوال العقل، مع ما لو قيل: شراب حلو تميل إليه النفس، فإن الأول مناسب لهما، وهو ظاهر.
(٣) لأنه أولى مما يقرر حكم الوجوب أو الندب أو الإباحة أو الكراهة، مثاله ما مر: الخمر ما أسكر إلخ.
(٤) كقول الحنفي: الزنا الموجب للحد إتيان المرأة في قبلها في غير الملك والشبهة، مع قول الشافعي: إيلاج فرج في فرج محرم قطعاً مشتهى طبعاً، فإن الأول موافق لدرء الحد في إتيان الرجل المرأة في دبرها. (نيسابوري).
[١] الظاهر النصب على تقدير كان.