هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: فيما لا يدرك فيه جهة محسنة أو مقبحة]

صفحة 711 - الجزء 3

  والجمهور (و) ثانيها: (الحظر) وهو للبعض من الإمامية والبغدادية والفقهاء، ولا يبيحه إلا الشرع (و) ثالثها: (الوقف)⁣(⁣١) وهو رأي الأشعري وأبي بكر الصيرفي وبعض الشافعية، بمعنى لا ندري هل هناك حكم أو لا، وهل الحكم المفروض حظر أو إباحة، قالوا: (لعدم الدليل) على ثبوت حكم في ذلك؛ بناء منهم على بطلان ما استدل به مخالفوهم، والحق خلافه.

  احتج (الأول) بأن ما كان كذلك (نفع لم تشبه مضرة) فإنا نقطع بحسن الانتفاع به كما نقطع بقبح الظلم وحسن الإحسان، ونعلمه ضرورة من غير فرق (و) احتج الأول (أيضاً) بأنه (إذا ملك جواد) يتصف⁣(⁣٢) بغاية الجود (بحراً لا ينزف⁣(⁣٣) وأخذ مملوكه قطرة) من ذلك البحر (فلا قبح) يدرك بالعقل في ذلك (ضرورة) وتناول العبد المستلذات التي خلقها الله تعالى من دون إضرار بمنزلة تناول المملوك قطرة من بحر ملك، بل أقل، وما قيل من أنه إن أريد⁣(⁣٤) أن لا


(قوله): «لعدم الدليل» هذا يوافق ما اختاره المؤلف # في ما يأتي في التنبيه الذي ختم به شرحه # حيث قال: ويمكن أن يجاب.

(قوله): «بحراً لا ينزف» أي: لا ينزح ماؤه، من قولهم: نزفت ماء البئر نزفاً إذا نزحته كله، أو لا يذهب ماؤه ولا ينقطع، من قولهم: نزفت البير أي ذهب ماؤها، فعلى الأول يقرأ مجهولا وعلى الثاني معلوماً، ذكره الشريف.


(١) فإن قلت: كيف يقول الأشعري ومن معه بالوقف ومن أصولهم أن العقل لا يقضي بحسن ولا قبح؟ قلت: هذه الرواية رواها عنهم أصحابهم كشارح المنهاج وغيره، وكذا حكاها الإمام يحيى في القسطاس عنهم نقلاً من كتبهم، وقد ذكر في المنتهى أن الوقف للمعتزلة، وليس بصحيح، وتحقيق الجواب أنهم تنزلوا إلخ ما نقله سيلان هنا. (من حاشية الفصول). وقال أيضاً: فاعرف ذلك، فإنه نفيس جداً، يعني: الجواب المذكور.

(*) أطلق القول على الوقف، والظاهر أنه ليس بقول فيحقق إن شاء الله تعالى.

(٢) في نسخة: متصف.

(٣) نزفت البئر: إذا استخرجت ماءها كله، ونزفت هي، يتعدى ولا يتعدى. (ديوان من باب فعل بفتح العين يفعل بكسرها).

(٤) بما لا يدرك فيه بخصوصه جهة محسنة أو مقبحة، قوله: أن لا حكم يعني: للعقل.