[مسألة: في وجوب الدليل على النافي لحكم عقلي أو شرعي غير ضروري]
  كان الاستصحاب دليلاً لأفاد ظناً، ولأغنى المنكر عن اليمين، قلنا: إنما لم يثمر الظن ولم يغن عن اليمين لأن إنكار الحق أكثر من دعوى الباطل، فتعارضت الغلبة والأصالة، والحاصل منع بطلان اللوازم، فإن الثلاثة مطالبون بالدليل، لكنه مقرر معلوم عند الجمهور فلا حاجة إلى التصريح به (قيل) في الاحتجاج للمذهب الثالث: أما على طرف الإثبات(١) فبحجة المذهب الأول، وأما على طرف النفي فبأنه (يعضدنا في) الحكم (الشرعي) موافقة (الأصل) وهو براءة الذمة عن الحكم الشرعي وعدم شغلها به (قلنا:) الاعتضاد بالأصل (يعود) بكم (إلى الوفاق) لانتظامه في سلك الأدلة(٢) كما سبق.
  تذنيب(٣): اختلف في صحة الاستدلال على عدم الحكم بعدم الدليل، فقيل بالصحة بناء على أن فقدان الدليل بعد الفحص البليغ يفيد ظن عدمه، وظن عدمه يستلزم ظن عدم الحكم، والفحص إما بنقل أدلة المثبتين وإبطالها وإما بحصر وجوه الأدلة ونفيها بعدم وجدانها، وكون الأصل عدمها فيجب انتفاء
(قوله): «تنبيه» وفي نسخة: تذنيب، وهي أولى كما لا يخفى.
(قوله): «فقيل بالصحة» قد اعتمدوا الصحة في كثير من المباحث، فبنى عليه ابن الحاجب وشراح كلامه في بحث الاستدلال على حجية خبر الواحد، وفي شرح المختصر في باب الاجتهاد في بحث المجتهد ممنوع[١] من التقليد، وبنى عليه المؤلف # في بحث الإجماع في الأخذ بأقل ما قيل حيث قال: والاقتصار لفقد الدليل؛ إذ هو بعد النظر مستلزم ظن عدم الوجود ... إلخ، وكذا فيما تقدم في بحث تعليل الحكم العدمي بمانع أو عدم شرط، واستدل له بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ...} الآية [الأنعام: ١٤٥]، ولذا قرره المؤلف # هاهنا حيث قال: ويمكن أن يجاب ... إلخ، واعتمد ذلك في منهاج القرشي والمحقق النجري في أول باب التوحيد، إلا أنهما أطلقا ذلك في السمعيات، وأما في العقليات فذكر القرشي تفصيلا لا يحتمل نقله المقام.
(١) وهو العقلي.
(٢) أي: لكون الاعتضاد بالأصل دليلاً فقد جئتم بالدليل.
(٣) في المطبوع: تنبيه.
[١] قال هنالك: وقد يقال: هذا معارض بعدم الجواز، بل الانتفاء يكفي فيه عدم الثبوت. انتهى وصلى الله على محمد وآله وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.