هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[أحكام القضايا]

صفحة 245 - الجزء 1

  وإما غير أجنبية⁣(⁣١)، أي: لازمة لإحدى المقدمتين، كما في قولنا: جزء الجوهر يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر، وكل ما ليس بجوهر لا يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر، فجزء الجوهر جوهر بواسطة عكس نقيض المقدمة الثانية، وهو: كل ما يوجب


(قوله): «وإما غير أجنبية» بأن تكون لازمة لإحدى المقدمتين كما في عكس النقيض كما عرفت.

(قوله): «كما في قولنا: جزء الجوهر يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر» أي: ينتفي بانتفاء جزئه؛ إذ الكل لا يوجد بدون جزئه. وهذا المثال ذكره بعض المحققين من شراح الشمسية وصاحب الجواهر، والظاهر أن هذا المثال من الشكل الثاني، فإن كانت الإضافة في جزء الجوهر مفيدة للعموم كان من الضرب الأول منه؛ إذ يكون من كليتين والكبرى سالبة⁣[⁣١]، ونتيجة هذا الضرب سالبة كلية كما ذلك معروف، وقد جعل المؤلف # نتيجة⁣[⁣٢] جزء الجوهر جوهر. وإن لم تكن مفيدة للعموم ولا كلية الصغرى⁣[⁣٣] كان من الضرب الثالث منه، ونتيجته سالبة جزئية لا موجبة، فينظر⁣[⁣٤]، ولعل المراد مجرد التمثيل⁣[⁣٥].

(قوله): «بواسطة عكس نقيض المقدمة الثانية» فيرتد بعكس النقيض إلى الشكل الأول، فيكون هكذا: جزء الجوهر يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر، وكلما يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر فهو جوهر؛ فجزء الجوهر جوهر.


(١) اعترض بعض المحققين بأنه لا وجه لإخراج القياس المبين بعكس النقيض عن تعريف القياس؛ لأنه من الطرق الموصلة إلى التصديق كالقياس المبين بالعكس المستوي بلا تفاوت. ويمكن دفعه بأنه يجوز أن يكون وجه إخراجهم إياه عن تعريف القياس عَدَمَ تكرار الحد الأوسط فيه، وبُعْدَ الانتقال منه إلى النتيجة بالقياس إلى القياس المبين بالعكس المستوي. نعم، يتجه أن إخراجه عن القياس كإخراج قياس المساواة عنه يستلزم بطلان حصرهم للدليل في الأقسام الثلاثة من القياس والاستقراء والتمثيل؛ لدخولهما في تعريف الدليل مع خروجهما عن الأقسام حينئذ. وأيضاً يستدعي أن يوضع باب آخر لبيان حالهما في مباحث الموصل إلى التصديق حتى يكون المنطق مجموع قوانين الاكتساب، إلا أن يقال: إن أرادوا بحصر الدليل في تلك الأقسام حصره في القياس وما في حكمه من الاستقراء والتمثيل، وأيضاً لما كان هذان في حكم القياس الحقيقي اكتفوا في بيانهما بأدنى إشارة وتنبيه في مباحث القياس الحقيقي، وأحالوا معرفتهما تفصيلاً إلى المقايسة كأنهم بينوهما، ولا يذهب عليك أن قياس المساواة يخرج بقيد اللزوم مع قطع النظر عن خصوص المادة كالاستقراء والتمثيل، فلا حاجة إلى قيد (لذاته) إلا لإخراج القياس المبين بعكس النقيض. (مير أبو الفتح على التهذيب).


[١] كيف تكون سالبة والمولف عكسها إلى موجبة؟ بل ليس من الشكل الثاني؛ لعدم الاختلاف في الكيف وقد ذكره القطب الرازي في شرح المطالع.

[٢] يعني بواسطة عكس نقيض الثانية. (حسن مغربي ح).

[٣] كأن المعنى: ولا حصل له كلية الصغرى. (حسن مغربي ح).

[٤] يقال: إنتاجه للشكل الأول بعد ارتداد الشكل الثاني إليه بعكس النقيض فتأمل، لا للشكل الثاني. (حسن ح).

[٥] مراد الشارح أنه لما كان يلزم هذا القول قول آخر لا لذاته بل بواسطة مقدمة غريبة لم يكن من القياس المعرف، فكيف يخاض في أنه من أي شكل أو تستشكل النتيجة، والأمر ظاهر. اهـ عبدالله بن علي الوزير، في خط السيد عبدالله ثم يستشكل النتيجة، وهذا سهو بين. (ح).