[الواضع]
  أن دلالة اللفظ على معنى دون معنى لا بد لها من مخصص؛ لتساوي نسبته إلى جميع المعاني، فذهب المحققون إلى أن المخصص(١) هو الوضع، ومخصص وضعه لهذا دون ذلك هو إرادة الواضع، فضمير «به» للوضع، وضمير «لا بذاته» للفظ.
  وهذا إشارة إلى قول عباد بن سليمان الصيمري(٢)، فإنه ذهب إلى أن المخصص هو ذات الكلمة يعني(٣) أن بين اللفظ والمعنى مناسبة طبيعية تقتضي اختصاص دلالة اللفظ على ذلك المعنى. ويلزمه أن لا تختلف اللغات باختلاف
(قوله): «يعني أن دلالة اللفظ ... إلخ» هذا إظهار لمعنى السببية المستفادة من قوله: وبه.
(قوله): «هو الواضع» في شرح المختصر: المخصص للدلالة هو إرادة الواضع.
(قوله): «ويلزمه أن لا تختلف اللغات باختلاف الأمم» هكذا في شرح التلخيص، فيحتمل أنه أراد بعدم الاختلاف أن لا يكون بعضها لغة العرب وبعضها لغة العجم؛ لأن الدلالة إذا كانت ذاتية فلا وجه لتخصيص النسبة بلغة دون لغة.
ويحتمل أنه أراد به عدم جواز تعدد اللغات حينئذ، بل يجب أن يتحد الدال على المعنى الواحد، ذكر معناه الشلبي، وقد دفع الاحتمالين فخذه من موضعه[١] إن شاء الله تعالى.
(١) قوله: إلى أن المخصص هو الوضع يعني لدلالة اللفظ على معنى دون معنى.
(٢) قوله: «إلى قول عباد بن سليمان الصيمري» في العضد: وأهل التكسير وبعض المعتزلة. اهـ التكسير بالتاء والكاف والسين المهملة والياء أي: علم الحروف. (سيد).
(*) صيمرة كهينمة: بلد قرب الدِّيْنَوَر. (قاموس). قال ابن أبي شريف: الصيمري هو بالصاد وبعد التحتية ميم مفتوحة ويجوز ضمها، نسبة إلى صيمرة قرية في آخر عراق العجم وأول عراق العرب قرية من دينور، وهو من معتزلة البصرة من أصحاب هشام بن عمرو الفوطي بضم الفاء وسكون الواو وطاء مهملة، وكان الجبائي يصفه بالحذق.
(٣) في المطبوع: بمعنى.
[١] في الحاشية الشلبية في بحث الحقيقة والمجاز ما لفظه: قوله: «لوجب أن لا تختلف اللغات باختلاف الأمم ولوجب أن يفهم ... إلخ»: الظاهر أن كلاً منهما وجه مستقل، ففي الوجه الأول بحث؛ لأنه إن أراد أن دلالة الألفاظ لما كانت ذاتية لم يبق وجه في كون بعض اللغات لغة العرب وبعضها لغة العجم إذ ليس واضع بعضها العرب وواضع بعضها العجم فلا وجه لتخصيص النسبة - فهو ممنوع؛ لجواز أن يكون تخصيص النسبة باعتبار المستعمل الأول، وإن أراد أنه لا يجوز أن تتعدد اللغات حينئذ بل يجب أن يتحد الدال على المعنى الواحد فهو أيضاً ممنوع؛ لجواز أن يتعدد الدال بحسب الذات على معنى واحد، وإن أراد معنى ثالثاً فلا بد من تصويره. (ح).