هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 336 - الجزء 1

  وأما على تقدير عدمه فلأنه يلزم أن يكون الظن مرجوحاً، وهو ظاهر الاستحالة⁣(⁣١).

  وباختيار الثاني، قوله: يلزم أن يكون هذا منعاً لمدارية المشترك لا معارضة.

  قلنا: منع مدارية المشترك منع عليته؛ لأنه عليته أخص مطلقاً من مداريته، ومنع الأعم يوجب منع الأخص، ومنع عليته بالدليل الذي ذكرتموه⁣(⁣٢) لإثبات عليته لا ينافي كونه معارضة على سبيل القلب، بل هو عينها؛ لأن المعارضة على سبيل القلب ليس إلا منع المدلول بعين الدليل الذي أثبت به المدلول، وهاهنا كذلك؛ لأن استدلالكم بالدوران كما دل على علية المشترك دل على علية الخصوصية، وعليتها تدل على عدم علية المشترك⁣(⁣٣)، فيكون الدوران دالاً على علية المشترك وعلى عدم عليته، وهو المعارضة على سبيل القلب، والله أعلم.


(قوله): «على تقدير عدمه» أي: عدم التساوي.

(قوله): «وهو ظاهر الاستحالة» لأنه قد فرض كونه ظناً، والظن لا بد أن يكون راجحاً، وقد فرض كونه مرجوحاً، وهو محال.

(قوله): «أخص مطلقاً من مداريته» لجواز أن تكون المدارية لوصف ملازم كالرائحة ونحو ذلك.

(قوله): «إلا منع المدلول» وهو علية المشترك، ولا يقال: الحكم الذي وردت المعارضة عليه هو التسمية كما أومى إليه في شرح المختصر؛ لأنا نقول: منع علية المشترك يلزم منه منع التسمية.

(قوله): «دل على علية الخصوصية» لو قال: دل على كون الخصوصية جزءاً لكان أولى.


(١) المستحيل كون الظن تجويزاً مرجوحاً، لا كونه تجويزاً راجحاً وغيره أرجح منه، فالأولى أن يقال: وأما على تقدير عدم تساوي الظنين فلأنه يلزم عدم تساوي المدارين؛ لأن تساوي المدارين يستلزم تساوي الظنين؛ لوجوب تساوي المعلولين عند تساوي العلتين، فيكون عدم تساوي الظنين مستلزماً لعدم تساوي المدارين بحكم عكس النقيض، وعدم تساوي المدارين محال، وإلا لزم خلاف المفروض.

(٢) وهو الدوران.

(٣) يعني فقط من غير أن يكون لها معارض بل معارض.