هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها

صفحة 339 - الجزء 1

  من وراء الجدار⁣(⁣١) على وجود اللافظ، ودلالة الدخان على النار، فكانت أقسام الدلالة ستة⁣(⁣٢).

  والمقصود بالبحث هاهنا هي الدلالة اللفظية الوضعية؛ إذ عليها مدار الإفادة⁣(⁣٣) والاستفادة، وهي تنقسم إلى: مطابقة وتضمن والتزام؛ لأن (دلالة اللفظ) بسبب وضع الواضع إما (على تمام مسماه⁣(⁣٤)) أي: مسمى ذلك اللفظ


(قوله): «كدلالة اللفظ المسموع من وراء جدار على وجود اللافظ» لكونه عرضاً لا يقوم إلا بمحل، هذا في اللفظية، وغير اللفظية دلالة الأثر على المؤثر.

(قوله): «والمقصود بالبحث هاهنا هي الدلالة اللفظية» ولذا اقتصر في شرح المختصر عليها، قال السعد وصاحب الجواهر: إذ لا ينضبط غيرها من الطبيعية والعقلية؛ لاختلافهما باختلاف الطبائع والأفهام.

(قوله): «الوضعية» أراد ما للوضع مدخلاً فيه ليصح جعل التضمن والالتزام وضعية.

(قوله): «على تمام مسماه» لم يقل على عين الموضوع له ليشمل المفرد الموضوع عينه لعين المعنى، والمركب الموضوع أجزاؤه لأجزاء المعنى وضعاً شخصياً كما في الجزء المادي⁣[⁣١] أو وضعاً نوعياً كما في الجزء الصوري الذي هو الهيئة الحاصلة عن تأليف أحدهما إلى الآخر، فإنه وضع للجزء الصوري المعنوي الذي هو نسبة أحدهما إلى الآخر، فدلالة المركب على هذا غير خارجة عن دلالة المطابقة، ذكره في المرآة، وكأنه قصد بما ذكره دفع ما أورده في شرح المطالع من الاعتراض على الحصر في الدلالات الثلاث؛ حيث ذكر أن دلالة المركب خارجة عن الدلالات الثلاث؛ لأنها ليست مطابقة؛ إذ الواضع لم يضعه لمعناه، ولا تضمناً؛ لأن معناه =


(١) في المطبوع: جدار.

(٢) قوله: فكانت أقسام الدلالة ستة؛ لأنها إما أن يكون للوضع فيها مدخل أو لا، الأول: الوضعية، لفظية كدلالة الإنسان على معناه، أو غير لفظية كالخطوط. والثاني: إما أن تكون بحسب مقتضى الطبع فطبيعية، لفظية كأح على وجع الصدر، أو غير لفظية كحمرة الخد العارضة على الخجل. أو لا تكون بحسب مقتضى الطبع فعقلية، لفظية كدلالة الصوت من وراء الجدار على المصوت، أو غير لفظية كدلالة الأثر على المؤثر. قيل: وهذا الحصر تسهيل للاستقراء فقط، وإلا فالطرف الأخير مرسل لا دليل على انحصاره في العقلية؛ لجواز أن يكون هناك أمر دال غير خصوص العقل، كالإلهام والحس. (من شرح التهذيب للجلال بالمعنى).

(٣) قوله: «إذ عليها مدار الإفادة» أي: من جهة المعلم، وقوله: «والاستفادة» يعني من جهة المتعلم.

(٤) لم يقل: على جميع لإشعاره بالتركيب، والتمام لا يشعر بالتركيب؛ لأن مقابله النقص، بخلاف الجميع فإن مقابله البعض. (دواني). يرد عليه: أن التمام لا يكون إلا فيما له أجزاء، وأما ما لا جزء له كالجوهر الفرد والآن والنقطة وكلفظ الجلالة فإنها بسائط، وحينئذ فلا فرق بين تمام وجميع. (لي).


[١] كمعنى الإنسان ومعنى الكاتب. (شرح مطالع). وقوله: «فإنه وضع» أي: المركب. (ح).