هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[ذكر سبب التأليف]

صفحة 36 - الجزء 1

  الغني⁣(⁣١) بإعانته على ما عقد وحل⁣(⁣٢)، الحسين بن أمير المؤمنين المنصور بالله


= لكن إن اشترط مع عدم العطف الربط بين العاملين كان الربط بينهما فيما نحن فيه حالية يقول مما قبله⁣[⁣١]. وإن قدر لمتعلق فعلاً مسنداً إلى المتكلم نحو: أشرح وأبتدئ على الوجهين المعروفين في المتعلق كان «يقول⁣[⁣٢]» محمولاً على الاستئناف أو الحالية، لكن لا بد للعدول من التكلم إلى الغيبة من وجه⁣[⁣٣] فينظر هل يصلح الالتفات لقصد هضم النفس⁣[⁣٤] بوصفها بالصفات الغائبة، أعني قوله: العبد الفقير.

(قوله): «الغني» صفة للعبد، وفيه بعد قوله: «الفقير» من أنواع البديع المطابقة، وهي الجمع بين معنيين متقابلين في الجملة، فإن ذلك من الأمور المستغربة التي تستلذ بها النفس فيكتسب الكلام بذلك حسناً وغرابة.

(قوله): «على ما عقد وحل ... إلخ» متعلق بإعانته، وقوله: «وحل» بالحاء المهملة؛ لأنه المقابل للعقد، ولا يخفى ما في ذلك من التعميم فيما يستعان عليه، مع إشارة لطيفة إلى المقصود من المتن والشرح؛ إذ العقد يناسب المتن، والحل يناسب الشرح، فيفيد براعة الاستهلال⁣[⁣٥] بألطف عبارة.


(١) وفي الغني مع العبد ما يلحق بالطباق؛ إذ العبد يستلزم الفقر، والفقر يقابل الغنى فيكون من القسم الأول مما يلحق بالطباق، وهو الجمع بين معنيين يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر نوع تعلق. (من خط العلامة حمد بن محمد السياغي).

(٢) يوصف المجتهد بالعقد والحل لأنه يعقد باجتهاده الأحكام الشرعية - أي: يصححها بالحجج الصريحة والقياسات الصحية والتأويلات الفصيحة، أي: المفصحة - ويحل عقد الشبه المؤدية إلى ما يخالف ذلك ببيان ما يتضح به فسادها.


[١] قوله: «حالية يقول مما قبله» فيكون التقدير على هذا: يشرح العبد باسم الله حال كونه قائلاً: لما كانت الحاجة ... إلخ، أو يبتدئ العبد باسم الله حال كونه قائلاً ... إلخ، لكن يلزم على هذا كون المقصود من الكلام - وهو يقول العبد لما كانت الحاجة إلخ - قيداً زائداً، ويكون ما يقصد لأجله - وهو الابتداء باسم الله والشرح باسمه تعالى - هو المقصود من التأليف وإن كان ذكر الله سبحانه مقصوداً لذاته، وهذا خلاف للواقع المراد من التأليف، والمعنى المراد إنما هو عكس ذلك، وهو ما حاصله: يقول العبد لما كانت الحاجة ... إلخ حال كونه مبتدئاً باسمه أو مصاحباً لمقصوده باسمه أو متبركاً أو نحو ذلك. اهـ (ح ن).

[٢] قوله: «كان يقول محمولاً على الاستئناف» والمراد من الاستئناف الابتداء للكلام لا الاستئناف البياني، لكن يلزم عليه انقطاع الجملة المستأنفة عما قبلها، وعلى الحالية يلزم ما ذكر أولاً. اهـ (ح ن).

[٣] قوله: «لكن لا بد للعدول من التكلم إلى الغيبة من وجه» يريد من وجه خاص بهذا المقام زائد على وجه الالتفات العام. اهـ (ح ن)

قد عرفت أن النكتة العامة باعتبار حال المتكلم وحال المخاطب كافية في الحسن، وهي لازمة لجميع موارد الالتفات، فلا يضر عدم وجود نكتة خاصة في التفات جزئي. اهـ سيدي محمد بن زيد بن محمد بن الحسن. اهـ ح

[٤] قوله: «لقصد هضم النفس» العبودية والافتقار إلى جناب الحق تعالى ليسا من هضم النفس في شيء، بل هما تشريف لها؛ ألا ترى إلى إفادة الإضافة التعظيم والتشريف في: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ}⁣[الإسراء: ١]، وفي: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ}⁣[مريم: ٢]، فلعل نكتة الالتفات الخاصة الإشعار بالحاجة من وصف العبودية والفقر إلى إعانة السيد الغني بإعانته على ما عقد وحل. أفاده سيدي ضياء الإسلام. (ح ن).

[٥] قوله: «فيفيد براعة الاستهلال ... إلخ» وفيه أيضاً إشارة لطيفة أن المتن والشرح له |، أفاده الضياء. (ح ن).