[المعنى الحقيقي للمشتق]
  (و) ثانيها وهو قول أبي علي وأبي هاشم وابن سيناء: (عدمه) أي: عدم اشتراط البقاء، فيكون الضارب حقيقة أيضاً فيمن(١) قد ضرب(٢) قبل وهو الآن لا يضرب.
  (و) ثالثها: التفصيل، وهو عدم اشتراط البقاء (في غير الممكن) بقاؤه كمتكلم ومخبر(٣)، واشتراطه في ممكن البقاء كقائم وضارب.
(قوله): «كمتكلم ومخبر» مما هو مأخوذ من المصادر السيالة[١] وسيأتي بيان ذلك في كلام المؤلف[٢].
(١) في (أ، ج): لمن.
(٢) كلام الإمام في المحصول مصرح بأنه بحث لم يقل به أحد، فإنه أورد من جهة المانع أنه لو كان وجود المعنى شرطاً في كون المشتق حقيقة لما كان اسم المتكلم والمخبر حقيقة في شيء أصلاً؛ لأن الكلام اسم لجملة الحروف المركبة، ويستحيل قيام جملتها بالمتكلم؛ ضرورة أنه لا يمكن النطق بالجملة دفعة، بل على التدريج، مع أنه يقال: زيد متكلم ومخبر، والأصل في الإطلاق الحقيقة.
ثم قال: فإن أجيب[٣] بأنه لا يجوز أن يقال: حصول المشتق منه شرط في كون المشتق حقيقة إذا كان ممكن الحصول، فأما إذا لم يكن كذلك فلا. قلنا: هذا باطل؛ لأنه لم يقل بهذا الفرق واحد من الأمة، هذا لفظه. (زركشي على الجمع).
(٣) قوله: كمتكلم ومخبر مما لا يمكن بقاء معناه؛ إذ لا يتصور حصوله بحصول أجزائه في حين واحد، فإنها حروف تنقضي أولاً فأولاً ولا تجتمع في حين، فقبل حصولها لم يحصل المعنى، وبعد حصولها قد انقضى، فحينئذ لا يعتبر بقاء المعنى لكونه حقيقة، فيكون بعد انقضائه؛ لتعذر حصوله في حين واحد حتى يمكن اعتباره فيه، وأما في غيره مما يمكن بقاء المعنى فيه ويجتمع في حين كضارب ونحوه فيعتبر بقاء المعنى فيه، فيكون في وقته حقيقة وبعد انقضائه مجازاً. (من شرح السيد عبدالرحمن).
[١] أي التي لا ثبات لأجزائها كالتكلم والحركة. (ح بزيادة يسيرة).
[٢] حيث قال في شرح قوله: لصحة الإطلاق ماضياً: وثانياً بأن اشتراط بقاء المعنى ... إلخ. (ح).
[٣] لفظ المحصول: فإن قلت: لم لا يجوز أن يقال: الكلام اسم لكل واحد من تلك الحروف؟ سلمنا أنه ليس كذلك فلم لا يجوز أن يقال ... إلخ.