هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الاشتقاق]

صفحة 399 - الجزء 1

  والأعدام لا تعلل⁣(⁣١).

  وثانياً: بأنه (أطلق الخالق على الله) باعتبار معنى وهو الخلق (والخلق المخلوق⁣(⁣٢)، وإلا) يكن المخلوق بل كان غيره وليس إلا التأثير، فإن اختير حدوثه (تسلسل أو) اختير قدمه (قدم العالم) إذ لا يتصور تأثير ولا أثر.

  احتج (المانع⁣(⁣٣)) لاشتقاق اسم الفاعل لغير ذي المعنى بقوله: (للاستقراء⁣(⁣٤)) يعني أنا تتبعنا لغة العرب فحصل لنا حكم كلي قطعي بذلك


(قوله): «والأعدام لا تعلل» لأنها ليست بأمور موجودة في الخارج حتى يلزم احتياجها إلى علة موجدة فيلزم التسلسل. قال الشريف ومثله في الجواهر: وعلى تقدير احتياجها إليها لم يلزم التسلسل إلا في الأمور الاعتبارية، والتسلسل في الأمور الاعتبارية جائز لجواز انقطاعه بانقطاع الاعتبار.

(قوله): «وليس إلا التأثير» إذ الخلق لا يطلق إلا بمعنى المصدر أو المفعول، والمصدر هو التأثير المستلزم للأثر ضرورة.

(قوله): «فإن اختير حدوثه تسلسل» لاحتياجه إلى تأثير آخر.

(قوله): «فحصل لنا حكم قطعي بذلك» هذا بناء على أن الاستقراء إذا كان تاماً أفاد القطع كما ذكره في المواقف وشرحها حيث قال: الاستقراء إثبات الحكم الكلي لثبوته في جزئياته: إما كلها فيفيد اليقين، ومثل ذلك يسمى استقراءً تاماً، أو بعضها، فلا يفيد إلا الظن؛ لجواز أن يكون ما لم يستقرأ من جزئيات ذلك الكلي على خلاف ما استقري منها، كما يقال: كل حيوان يحرك عند المضغ فكه الأسفل؛ لأن الإنسان والفرس وغيرهما مما نشاهده من الحيوانات كذلك مع أن التمساح بخلافه، فإنه عند المضغ يحرك فكه الأعلى. انتهى. وظاهر كلام السعد أن الاستقراء في نفسه لا يفيد إلا الظن، وما اختاره المؤلف # أولى، والله أعلم.


(١) كالبنوة والأخوة من النسب الإضافية فإنها أمور عدمية لا وجود لها في الخارج، وإنما هي أمور اعتبارية يعتبرها العقل فلا تحتاج إلى مؤثر. اهـ وفي حاشية: ليس المراد العدم المحض؛ إذ هو مقطعة الاختصاص فلا يتعلق به حكم، بل المراد أنه ليس بموجود وجوداً متميزاً ظاهراً، بل هو أمر اعتباري كما ذكر في الحاشية السابقة. (زيد بن محمد).

(٢) هو الوجود واتصاف العالم بالوجود⁣[⁣١]، وهو قائم بالغير. (سعد).

(٣) هم الأشعرية.

(٤) يقال من جانب المعتزلة: لا فرق بين اشتقاق اسم لغير من قام به المعنى وهو المصدر وبين إسناد المعنى إلى غير من قام به، فلا نسلم الاستقراء لورود: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ١٦٤}⁣[النساء]، ودعوى المجاز غير مسموعة؛ إذ الملجي إلى هذه الدعوى دعوى آخرة هي أن أكثر من عشرة آلاف كلمة في القرآن أسند فعل الله بزعمهم فيها إلى العباد حقيقة لغوية لا مجازاً وهي دعوى لم ينهض دليلها.


[١] في المطبوع: أو اتصاف القائم بالوجود، والمثبت من حاشية السعد على العضد.