فصل: [في الاشتقاق]
  كوجوب رفع الفاعل (والخلق) الذي أورده الأولون أمر (اعتباري(١)) لا وجود له في الأعيان، ونحن لا نشترط أن يكون المعنى الذي يشتق منه(٢) اسم الفاعل وجودياً حتى يرد ما ذكروه، بل يكتفى باعتبار العقل له وتمييزه(٣) إياه
(قوله): «والخلق اعتباري لا وجود له في الأعيان» لم يتعرض المؤلف # لبيان ذلك الأمر الاعتباري وقد بينه في شرح المختصر وشراح كلامه حيث قالوا: إن الذات قديم، وكذا القدرة، فللقدرة تعلق حادث فبهذا التعلق حدوث الأشياء ضرورة إذ لولا تعلق القدرة بالأشياء على وجه يترتب عليه وجودها لم توجد الأشياء أصلاً ولولا حدوثه لم تكن حادثة بل قديمة وهذا التعلق المخصوص إذا نسب إلى العالم بفتح اللام فهو صدوره عن الخالق أو إلى القدرة فهو إيجابها للعالم أو إلى ذي القدرة أعني الله تعالى فهو خلقه للعالم فالخلق كون الذات تعلقت قدرته به وهذا معنى إضافي اعتباري قائم بالخالق بمعنى تعلقه بالخالق واتصاف الخالق به وباعتباره اشتق له اسم الفاعل وليست صفة حقيقية متقررة فيه ليلزم كون القديم محلاً للحوادث.
قال في شرح المختصر: فكان الحمل على هذا واجباً جمعاً بين دليلنا وهو الاستقراء الدال على وجوب قيام الفعل بما اشتق له اسم الفاعل لا بغيره لأنا لا نعني بقيامه كونه صفة حقيقية قائمة به بل ما هو أعم من ذلك فإن سائر الإضافيات التي هي أمور اعتبارية لا تحقق لها في الأعيان قائمة بمحالها[١].
وكذلك يصح ما ذكرتم من الدليل أن الخلق ليس أمراً مغايراً للمخلوق فإنه يدل على أن الخلق ليس أمراً حقيقياً موجوداً في الأعيان مغايراً للمخلوق وإلا يلزم التسلسل أو القدم أما إذا كان أمراً اعتبارياً فلا يلزم شيء منهما لعدم احتياجه على تقدير حدوثه إلى تأثير آخر، أو نقول: التسلسل في الاعتباريات جائز، فكان الحمل على ما ذكرناه جمعاً بين الأدلة.
(قوله): «حتى يرد ما ذكروه» يعني التسلسل أو القدم، أما عدم لزوم التسلسل فلما عرفت من عدم احتياج الاعتباري إلى علة موجدة حتى يلزم التسلسل أو لانقطاعه بانقطاع الاعتبار =
(١) أقول: فيه تأمل؛ إذ التأثير لو كان اعتبارياً لاحتاج إلى تأثير آخر مغاير له بالذات ضرورة أن التأثير متقدم على الأثر، والاعتباريات تحتاج إلى المؤثر كالحقيقيات.
نعم، لا تحتاج إلى مؤثر موجود في الخارج، فالأولى أن يقال: النسب في الاعتباريات تنقطع بانقطاع الاعتبار، ثم هذا الدليل مبني على أن علة الافتقار إلى المؤثر هو الحدوث. (ميرزاجان).
(٢) ومما يدل على أنه ليس شرط المشتق منه قيامه بمن له الاشتقاق أن المفهوم من اسم المشتق ليس إلا أنه ذو ذلك المشتق منه، ولفظة (ذو) لا تقتضي الحلول، ولأن لفظة اللابن والتامر والمكي والمدني والحداد مشتقة من أمور يمتنع قيامها بمن له الاشتقاق. (من شرح الشيخ لطف الله على الفصول).
(٣) في المطبوع: وبتمييزه.
[١] خبر إن. (ح). بمعنى الاختصاص الناعت. (منه).