هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 436 - الجزء 1

  نُقِل إلى اللفظ الثابت أو المثبت في مكانه الأصلي، والتاء فيها للنقل من الوصفية إلى الاسمية، ومعنى كونها للنقل أنها علامة على كون لفظ الحقيقة غالباً غير محتاج إلى الموصوف، فلا حاجة إلى ما قيل: هذا على الثاني ظاهر⁣(⁣١) لاستواء المذكر والمؤنث فيه، وأما على الأول فباعتبار أن يجعل وصفاً لمذكر لا لمؤنث


(قوله): «نقل إلى اللفظ الثابت أو المثبت» ظاهر هذا أنها منقولة⁣[⁣١] في المرتبة الثانية فقط، وسيأتي عن الجواهر أنها منقولة في المرتبة الثالثة.

(قوله): «ومعنى كونها للنقل ... إلخ» قال الفاضل الشلبي: معنى كون التاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية أن اللفظ إذا صار بنفسه اسماً لغلبة الاستعمال بعدما كان وصفاً كان اسميته فرعاً لوصفيته، فشبه بالمؤنث؛ لأن المؤنث فرع المذكر، فتجعل التاء علامة للفرعية كما جعل علامة في رجل علامة لكثرة العلم بناء على أن كثرة الشيء فرع لتحقق أصله.

(قوله): «فلا حاجة إلى ما قيل: هذا» أي: كون التاء للنقل «على الثاني» وهو حقيق بمعنى المفعول «ظاهر ... إلخ» هذا كما في حاشية الشيخ العلامة لطف الله، ووجه عدم الحاجة إلى ما قيل أن اللفظ إذا كان غالباً غير محتاج إلى الموصوف كما هو شأن الصفات الغالبة فلا معنى لتقدير الموصوف.

(قوله): «وأما على الأول» أي: كون فعيل بمعنى فاعل «فباعتبار أن يجعل وصفاً لمذكر لا لمؤنث» إذ لو جعل وصفاً لمؤنث كانت التاء على القياس لا للنقل؛ ولهذا قال صاحب الجواهر: اعلم أن الحقيقة فعيلة من الحق إما بمعنى الفاعل كالعليم فلا يستوي فيه المذكر والمؤنث، فتكون تاء التأنيث جارية على القياس، فيكون معناها الكلمة الثابتة، وإما بمعنى المفعول كالجريح فيستوي فيه المذكر والمؤنث، فتكون التاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية؛ لأنه لا حاجة إلى علامة التأنيث حينئذ، ويكون معناه المثبتة، ثم نقلت إلى الاعتقاد المطابق للواقع لكونه ثابتاً، ثم إلى القول المطابق للواقع لكونه مثبتاً أو ثابتاً أيضاً، ثم من القول إلى اللفظ المستعمل فيما وضع له، فهي منقولة في المرتبة الثالثة.


(١) الظاهر أنه إشارة إلى ما قاله السكاكي من أنها للتأنيث وما قاله السعد بعده، أما على الأول فظاهر؛ لأن فعيلاً بمعنى فاعل يذكر ويؤنث سواء أجري على موصوفه أم لا، نحو: رجل ظريف وامرأة ظريفة، وأما على الثاني فلأن لفظ الحقيقة قبل النقل إلى الاسم صفة لمؤنث غير مجراة على موصوفها، وفعيل بمعنى مفعول إنما يستوي فيه المذكر والمؤنث إذا أجري على موصوفه نحو رجل قتيل وامرأة قتيل. وأما إذا لم يجر على موصوفه فالتأنيث واجب دفعاً للالتباس، نحو: مررت بقتيل بني فلان وقتيلة بني فلان، ولا يخفى ما في هذا من التكلف المستغنى عنه بما تقدم، فإذا عرفت ذلك عرفت ما في الشرح من الاختلال. (لي).


[١] ينظر من أين يظهر هذا من كلام المؤلف؛ إذ لم يتعرض لمراتب النقل. (ح عن خط شيخه).