فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  لعدم استوائهما فيه.
  (و) اللفظ المستعمل (في غير ما وضع له) وقد عرفت فوائد القيود وعدم الاحتياج إلى زيادة: «في اصطلاح التخاطب». وقوله: (لعلاقة) يخرج الغلط، وقوله: (مع قرينة عدم إرادته) يخرج الكناية لأنها لفظ مستعمل في غير ما وضع له مع جواز إرادته (مجاز) أي: يسمى ما صدق عليه ذلك مجازاً في الاصطلاح.
  وهو في اللغة مَفْعَل من جاز المكان يجوزه إذا تعداه، نُقِل إلى اللفظ الجائز - أي: المتعدي - مكانه الأصلي، أو اللفظ المجوز به على معنى أنهم جازوا به مكانه الأصلي.
(قوله): «وقد عرفت فوائد القيود» كأنه أراد عرفت هنا فوائد القيود مما تقدم ولو بالمقابلة؛ فإن قيد الوضع إذا كان فيما تقدم لإخراج المجاز عرف أن نفيه هنا لإخراج مقابله وهو الحقيقة، وقيد الحيثية إذا كان كما عرفت لإخراج بعض المجاز عرف أنه هنا لإدخال ذلك البعض، كلفظ الصلاة المستعمل في عرف الشرع في الدعاء فإنه وإن كان مستعملاً فيما وضع له في الجملة لكن لا من حيث إنه وضع له[١]، بل من حيث العلاقة بينه وبين ما وضع له في الشرع. وأما قيد الاستعمال فالكلام فيه واضح؛ لأنه لإخراج اللفظ قبل الاستعمال في الموضعين، وأما الغلط فلم يعرف إخراجه بالمقابلة كما هو مقتضى العبارة؛ إذ خروجه فيما تقدم بقيد الوضع، وهنا بقيد آخر، فلعله قصد بالفوائد الأكثر منها، هذا ما ينبغي أن تحمل عليه العبارة وإن كان ظاهر العبارة يأباه، والمؤلف # حاول بهذه العبارة الاكتفاء عن فائدة كل قيد في تعريف المجاز روماً للاختصار.
(قوله): «وهو في اللغة مفعل» في شرح التلخيص: وهو في الأصل مفْعَل. قال الشيخ | في حاشيته: كأنه أراد وأما في الحال فهو مفعل بسكون العين، لكن فيه أن قوله: نقل ... إلخ لا يناسبه، فلو قال: فهو مصدر من جاز ... إلخ لكان أولى، انتهى
فالمؤلف # إن أراد التقييد كما في شرح التلخيص ورد عليه ما ذكره الشيخ؛ لأن المنقول هو مفعل بسكون العين بعد الإعلال، وإن لم يرد التقييد لم يستقم إطلاق قوله: في اللغة؛ لأن مفعلاً بفتح العين إنما هو في الأصل قبل الإعلال لا في استعمال اللغة الطارئ، فالأولى ترك قوله: في اللغة ويقال: وهو مصدر من جاز ... إلخ.
(قوله): «من جاز المكان يجوزه إذا تعداه، نقل ... إلخ» لم يحمل المجاز على ما ذكره صاحب التلخيص من أنه من جعلت كذا مجازاً إلى حاجتي أي طريقاً إليها مع أنه على هذا حقيقة وعلى ما ذكره المؤلف يكون مجازاً، إلا أن تسمية الكلمة المستعملة فيما وضعت له بالحقيقة لكونها ثابتة أو مثبتة ترجح ما ذكره المؤلف، وهو أن يكون من جاز المكان إذا تعداه رعاية للتقابل.
[١] فيصدق عليه أنه مستعمل في غير ما وضع له من حيث إنه وضع له. (حسن بن يحيى ح).