فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  وهكذا الكلام في عبارة المحصول وجمع الجوامع.
  بلى يخرج من عبارة جمع الجوامع قول ثالث هو نفي الإمكان، وهو لمن يقول: إن بين اللفظ ومعناه مناسبة طبيعية، وبطلانه ظاهر.
  ولم يذكر أبو الحسين في المعتمد غير القولين، وعزى الإثبات إلى المعتزلة والفقهاء، والنفي إلى قوم من المرجئة، ولكنه قال: إن بعض عللهم تدل على أنهم أحالوا ذلك وبعضها على أنهم قبحوه، فهو يشير إلى مثل ما في جمع الجوامع.
  ثم اعلم أن الشرعية قسمان: فرعية وهي المنقولة إلى فروع الدين، ودينية وهي المنقولة إلى أصول الدين كالإيمان والكفر والفسق ومؤمن وكافر وفاسق، وبعض المثبتين للشرعية يقتصرون على الفرعية، وهم جمهور الأشعرية، (والمختار وقوع الدينية) أيضاً، وهو قول أكثر الزيدية والمعتزلة وبعض الفقهاء والجماهير من السلف، قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري عن البخاري: كتبت عن ألف وثمانين نفساً ليس فيهم إلا صاحب حديث، وقال أيضاً: لم أكتب إلا عمن قال: الإيمان قول وعمل، وذلك (لأن المؤمن لغة المصدق) قال تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}[يوسف: ١٧]، (وشرعاً المطيع) أي: فاعل الطاعات ومجتنب المقبحات مع التصديق.
  وكذا الإيمان في اللغة التصديق(١)، وفي الشرع: فعل الطاعات واجتناب
(قوله): «والمختار وقوع الدينية» ومعنى كونها دينية أنا متعبدون بإجراء هذه الأسماء على المسمين بها.
(قوله): «قال ابن حجر ... إلخ» هذا استظهار على إثبات الجماهير من السلف للدينية.
(١) مأخوذ من الأمن، كأن المصدِّق أمن المصدَّق من التكذيب والمخالفة، وتعديته بالباء لتضمنه معنى الاعتراف، وقد يطلق بمعنى الوثوق من حيث إن الواثق صار ذا أمن، ومنه: ما أمنت أن أجد صحابة. (من تفسير البيضاوي).
وفي الشرع عند جمهور الأشعرية: التصديق بما علم بالضرورة أنه من دين النبي ÷ كالتوحيد والنبوة والبعث والجزاء، والذي يدل على أنه التصديق وحده أنه سبحانه أضاف =