هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[العلاقة في المجاز]

صفحة 458 - الجزء 1

  إلى كثرتها بقوله: (كالمشابهة) حيث أتى بحرف التشبيه، والمذكور منها هنا عشرون نوعاً، فمنها مشابهة المعنى المجازي للحقيقي في معنى ظاهر، كأسد للشجاع، ويسمى ما علاقته المشابهة استعارة.

  (و) منها: (السببية) أي: سببية المعنى الحقيقي للمعنى المجازي، نحو: «رعينا الغيث»، أي: النبات ومنه قوله ÷: «بلوا أرحامكم ولو بالسلام» أي: صلوها، فإن العرب لما رأت بعض الأشياء يتصل ببعض بالنداوه استعارت البل⁣(⁣١) للوصل.

  (و) منها: (المسببية) أي: كون الحقيقي مسبباً عن المجازي، نحو: «أمطرت السماء نباتاً»، وكقول الشاعر:


(قوله): «حيث أتى بحرف التشبيه» ينظر في دلالة حرف التشبيه على الكثرة؛ إذ يصدق التشبيه بزيادة واحدة، وإنما الدال على الكثرة التعداد المذكور، ولعله أراد بالكثرة ما فوق العشرين، قال في الفصول: ولا يخفى تداخل بعضها، يعني أن بعض هذه العلاقات داخل في بعض، فإن إطلاق اسم أحد الضدين على الآخر داخل في المشابهة، وحذف المضاف أو المضاف إليه داخل في الحذف مطلقاً.

(قوله): «في معنى ظاهر» أي: في صفة ظاهرة الثبوت للمعنى الحقيقي ولها به مزيد اختصاص وشهرة بحيث ينتقل الذهن من المعنى الحقيقي أعني الموصوف إلى الصفة فيفهم المعنى الآخر أعني المعنى المجازي باعتبار ثبوت الصفة له، كإطلاق الأسد على الشجاع للاشتراك في صفة الشجاعة؛ إذ لها فيه ظهور ومزيد اختصاص، فينتقل الذهن منه إلى هذه الصفة، وإذا منع مانع من اعتبارها قائمة بالأسد لاحظ ثبوتها لذات أخرى فيفهم المقصود، بخلاف إطلاق الأسد على الأبخر فإنه لا يجوز لعدم ظهور هذه الصفة⁣[⁣١].

(قوله): «استعارت» أي: العرب، واستعمل ÷ ما استعارت العرب في لفظه فلا اعتراض هنا⁣[⁣٢]. واعلم أن الأصوليين يعممون فيطلقون الاستعارة على المجاز المرسل كما ذلك معروف فلذا أسماها المؤلف # استعارة.


(١) المناسب أن يقول: أطلقت البل لما كان سبباً للوصل على الوصل للسببية المذكورة حتى يناسب التمثيل برعينا الغيث؛ إذ هو من إطلاق السبب على المسبب وإن كان بعض الأمثلة قد تجي فيه المشابهة والسببية. (شيخ).

(*) هكذا الأصوليون يعممون إطلاق الاستعارة على ما يعم المجاز المرسل فتنبه.


[١] في الأسد. (شريف).

[٢] لعل الاعتراض بأنها حقيقة شرعية؛ لأن المستعمل هو الشارع، والله أعلم. (ح عن خط شيخه).