فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  شربت الإثم حتى ضل عقلي ... كذاك الإثم يَذْهَبُ بالعقول
  جعل الخمر إثماً لكونه مسبَّباً لها، ومنه تسمية العطية مَنًّا لكونها سببه.
  (و) منها: (الكلية) أي كون المعنى الحقيقي كلاً للمجازي، نحو: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ}[البقرة: ١٩]، أي: أناملهم، والغرض منه المبالغة، كأنه جعل جميع الأصبع في الأذن لئلا يسمع شيئاً من الصاعقة.
  (و) منها: (الجزئية) عكس الكلية، كالعين في الرقيب وهي جزء منه، ومنه قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨]، أي: ذاته.
  ولا بد في الجزء المطلق على الكل أن يكون له مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد بالكل، مثلاً لا يجوز إطلاق اليد أو الأصبع على الرجل الرقيب(١) وإن كان كل منهما جزءاً، بخلاف ما ذكرناه؛ فإن العين هي المقصود(٢) في كون الرجل رقيباً.
  (و) منها: (اللزوم) أي: كون المعنى الحقيقي ملزوماً للمجازي أو عكسه، أما الأول: فحيث يطلق اسم الملزوم على اللازم، كقوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ٣٥}[الروم]، أي: أنزلنا برهاناً فهو يدلهم بما كانوا به يشركون، سميت الدلالة كلاماً لأنها من لوازمه.
  ومنه قول الحكماء(٣): كل صامت ناطق، أي: دال بما فيه من أثر الصنعة على صانعه.
(قوله): «إلا وجهه» أي: ذاته وفي الأساس لوالد المؤلف #: الآية من باب الزيادة[١]، قال في الشرح: لا من باب تسمية الكل باسم الجزء؛ لاستحالة ذلك عليه. وعبارة الشريف: الرابع الجزء للكل كالوجه للذات. قلت: وهي محتملة؛ إذ لم يصرح بأن المراد ذات الباري تعالى.
(١) «الرقيب» ساقطة من المخطوطات.
(٢) في المطبوع: المقصودة.
(٣) وقول أمير المؤمنين #: (فهو وإن كان صامتاً فحجته بالتدبير ناطقة).
[١] أي: إلا إياه. (ح).