هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 459 - الجزء 1

  شربت الإثم حتى ضل عقلي ... كذاك الإثم يَذْهَبُ بالعقول

  جعل الخمر إثماً لكونه مسبَّباً لها، ومنه تسمية العطية مَنًّا لكونها سببه.

  (و) منها: (الكلية) أي كون المعنى الحقيقي كلاً للمجازي، نحو: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ}⁣[البقرة: ١٩]، أي: أناملهم، والغرض منه المبالغة، كأنه جعل جميع الأصبع في الأذن لئلا يسمع شيئاً من الصاعقة.

  (و) منها: (الجزئية) عكس الكلية، كالعين في الرقيب وهي جزء منه، ومنه قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨]، أي: ذاته.

  ولا بد في الجزء المطلق على الكل أن يكون له مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد بالكل، مثلاً لا يجوز إطلاق اليد أو الأصبع على الرجل الرقيب⁣(⁣١) وإن كان كل منهما جزءاً، بخلاف ما ذكرناه؛ فإن العين هي المقصود⁣(⁣٢) في كون الرجل رقيباً.

  (و) منها: (اللزوم) أي: كون المعنى الحقيقي ملزوماً للمجازي أو عكسه، أما الأول: فحيث يطلق اسم الملزوم على اللازم، كقوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ٣٥}⁣[الروم]، أي: أنزلنا برهاناً فهو يدلهم بما كانوا به يشركون، سميت الدلالة كلاماً لأنها من لوازمه.

  ومنه قول الحكماء⁣(⁣٣): كل صامت ناطق، أي: دال بما فيه من أثر الصنعة على صانعه.


(قوله): «إلا وجهه» أي: ذاته وفي الأساس لوالد المؤلف #: الآية من باب الزيادة⁣[⁣١]، قال في الشرح: لا من باب تسمية الكل باسم الجزء؛ لاستحالة ذلك عليه. وعبارة الشريف: الرابع الجزء للكل كالوجه للذات. قلت: وهي محتملة؛ إذ لم يصرح بأن المراد ذات الباري تعالى.


(١) «الرقيب» ساقطة من المخطوطات.

(٢) في المطبوع: المقصودة.

(٣) وقول أمير المؤمنين #: (فهو وإن كان صامتاً فحجته بالتدبير ناطقة).


[١] أي: إلا إياه. (ح).