فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  يصلح علامة للمجاز، وليس كذلك؛ لأنه إنما ينفي الاشتراك المعنوي لا اللفظي، وإنما ينفيه دفع الاشتراك، فمجموعهما يصلح علامة للمجاز لا الاختلاف وحده؛ لأن العلامة ما به يتميز الشيء، ولا يخفى أن التمييز إنما يحصل بمجموعهما.
  (و) من العلامات النظرية للمجاز (عدم الاشتقاق منه) وذلك بأن يعلم له معنى حقيقي وقد اشتق من ذلك اللفظ باعتبار ذلك المعنى، ولم يشتق منه باعتبار معنى له آخر متردَد في كونه فيه حقيقة أو مجازاً، كأمر فإنه اشتق منه بمعنى القول إذ قيل: آمر ومأمور، ولم يشتق منه بمعنى الفعل(١). وهذه العلامة أيضاً غير منعكسة؛ إذ المجاز قد يشتق منه كما في الاستعارة التبعية(٢).
(قوله): «إنما ينفي الاشتراك المعنوي» لما عرفت أنه لو كان مشتركاً معنوياً لما اختلف جمعه.
(قوله): «فمجموعهما» أي: الاختلاف ودفع الاشتراك يصلح علامة للمجاز؛ أما الاختلاف فلنفيه المعنوي، وأما دفع الاشتراك فلنفيه اللفظي.
(قوله): «ولا يخفى أن التمييز» أي: التمييز بين الحقيقة والمجاز، واعلم أن السعد أورد هذا الاعتراض الذي ذكره المؤلف # وأجاب عنه بجواب لم يرتضه حيث قال: قلنا: هذا يصلح دليلاً على المجازية، وأما العلامة فهي الجمع على خلاف الجمع؛ إذ به يعرف أنه ليس متواطئاً، ثم قال: ولا يخفى ما فيه. انتهى.
قال بعض أهل الحواشي: لأن التفرقة بين الدليل والعلامة تحكم.
قلت: لعل وجه النظر ما ذكره المؤلف # من أنه إنما ينفي الاشتراك المعنوي لا اللفظي. وأما السيد المحقق فإنه لم يتعرض لهذا الاعتراض ولا لجوابه، والله أعلم.
(١) فيكون في الفعل مجازاً لعدم الاشتقاق منه بهذا المعنى، والخاصة لا يشترط انعكاسها؛ فلا يرد أن المجاز قد يشتق منه نحو: نطقت الحال والحال ناطقة بكذا لاشتقاقه من النطق بمعنى الدلالة وهو فيها مجاز. (شرح ابن جحاف).
(٢) الأظهر أن يقال: التصريحية على رأي البصريين. (من خط سيلان).
(*) وذلك كقتل بمعنى ضرب فيشتق منه قاتل ومقتول ونحوهما.