[حكم إطلاق اللفظ على معنييه الحقيقي والمجازي]
  وإنما النزاع في أن يستعمل اللفظ ويراد في إطلاق واحد معناه الحقيقي والمجازي معاً(١) بأن يكون كل منهما متعلق الحكم، مثل أن تقول: لا تقتل الأسد وتريد السبع والرجل الشجاع: أحدهما لأنه نفس الموضوع له، والآخر لتعلقه به بنوع علاقة، وإن كان اللفظ بالنظر إلى هذا الاستعمال(٢) مجازاً.
  قيل: والتحقيق أنه(٣) فرع استعمال المشترك في معنييه، فإن اللفظ موضوع للمعنى المجازي بالنوع، وهو بالنظر إلى المعنيين بمنزلة المشترك، فمن جوز ذلك(٤) جوز هذا ومن لا فلا.
  وقد يفرق بأنه في المشترك لم يخرج عن الاستعمال في معناه الحقيقي، بخلاف ما نحن فيه فإنه إما أن يراد أحدهما على أنه نفس الموضوع له والآخر على أنه مناسب له فيجمع بين الحقيقة والمجاز. أو يراد باللفظ معنى ثالث مجازي يتناولهما لكونهما من أفراده، وعدم تفرعه على المشترك ظاهر، وهذا هو المراد.
(قوله): «قيل: والتحقيق» ذكره في التلويح، وكذا في شرح الجمع لأبي زرعة.
(قوله): «بأنه في القدر المشترك لم يخرج عن الاستعمال في معناه الحقيقي» وذلك لما عرفت في المشترك من أن الشمول في المشترك بمعنى شمول الكل الإفرادي فلا يخرج اللفظ بذلك عن كونه حقيقة فيما وضع له.
(قوله): «بخلاف ما نحن فيه» وذلك لأن استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز استعمال له في غير ما وضع له أولاً؛ لأن ذلك لم يكن المعنى المجازي داخلاً فيه وهو الآن داخل فيه فكان مجازاً؛ إذ لا معنى للمجاز إلا ذلك، هكذا في شرح المختصر.
(قوله): «فيجمع بين الحقيقة والمجاز» يعني وقد عرفت امتناعه لما ذكره المؤلف آنفاً من امتناع استعماله في المعنى الحقيقي والمجازي بحيث يكون اللفظ بحسب هذا الاستعمال حقيقة ومجازاً.
(قوله): «أو يراد باللفظ معنى ثالث مجازي ... إلخ» قد يتوهم أن المؤلف # أراد بالمعنى الثالث هنا هو ما ذكره فيما سبق بقوله في معنى مجازي يكون المعنى الحقيقي من أفراده ... إلخ، وليس كذلك؛ فإن المؤلف # أراد به فيما سبق معنى متناولاً لأفراده تناول الكلي لجزئياته، وهو الذي يسمى عموم المجاز، ولا نزاع فيه كما عرفت، وهنا أراد بالمعنى الثالث المجازي غير ذلك، وهو الكل الإفرادي، وهو إرادة كل واحد من المعنين أو المعاني على أن يكون كل منهما أو منها مناط الحكم ومتعلق الإثبات والنفي، فيدخل في محل النزاع، ولذا قال المؤلف #: =
(١) وافترق هذا وما قبله باعتبار قيد الحيثية المشار إليها بقوله: بحيث يكون اللفظ ... إلخ.
(٢) لعله من إطلاق الملزوم على اللازم. اهـ لي. وفي حاشية بعد هذا: يتأمل.
(٣) أي: استعمال اللفظ ويراد به في إطلاق واحد معناه الحقيقي والمجازي.
(٤) المنصور بالله والشافعي.