[الحروف: وضعها ومعناها وما يلحق بذلك]
  فهذه أربعة أقسام:
  الأول: أن يكون الوضع خاصاً والموضوع له خاص(١)، وذلك كما إذا تصور الواضع زيداً وعين لفظه له؛ لأن متعقل الواضع عند الوضع لفظ ومعنى مشخصان، وهو ظاهر.
  الثاني: أن يكون الوضع عاماً والموضوع له عام، وذلك كصيغ المشتقات(٢)،
(قوله): «فهذه أربعة أقسام» جعلها أربعة اعتماداً على إثبات الوضع الخاص لموضوع له عام كما سيأتي، كوضع رجل ونحوه من أسماء الأجناس كما ذكره الأبهري، وأما السيد المحقق فجعل الأقسام ثلاثة وأحال هذا القسم، وأدخل وضع أسماء الأجناس في الوضع العام والموضوع له عام، والكلام مبني على بيان وجه عموم الوضع وخصوصه، فالسيد المحقق جعل وجه عموم الوضع هو تصور الواضع للمعنى الموضوع له أو تصوره لأمر عام ليس هو الموضوع له، بل هو وسيلة له إلى ملاحظة الموضوع له. فالأول كوضع أسماء الأجناس ووضع المشتقات وسيأتي بيان ذلك. والثاني كما في أسماء الإشارة، فإن الواضع تصور أمراً عاماً وهو المشار إليه ولم يضع اللفظ له، بل للخصوصيات، فهذان قسمان الوضع فيهما عام والموضوع له إما عام كالأول أو خاص كالثاني. والقسم الثالث وهو ما كان التصور فيه خاصاً هو الوضع للمعنى الشخصي، فالوضع فيه خاص والموضوع له خاص. قال السيد المحقق: وأما كون الوضع خاصاً لخصوص التصور المعتبر فيه والموضوع له عاماً فلا يتصور؛ لأن الجزئي لا يتوجه به العقل إلى الكلي فيتصور الكلي بالجزئي إجمالاً، بل الأمر بالعكس، وهو أن الكليات يدرك بها مشخصاتها إجمالاً، وذلك كاف في الوضع للمشخصات. وأما شارح الرسالة الوضعية فجعل الأقسام أربعة؛ لأنه أثبت هذا القسم الذي أحاله السيد المحقق، وذلك أن شارح الرسالة لم يجعل عموم الوضع وخصوصه لكون التصور عاماً أو خاصاً كما ذكره الشريف، وذلك لأن ما ذكره لا يقتضي عموم نفس الوضع، إنما المقتضي لعمومه شمول نفس الوضع؛ بأن يغني وضع واحد عن أوضاع متعددة لمعان متعددة كما في المشتقات، فإن نحو ضارب وقائم وعالم قد أغنى عن وضعها لمعانيها وضع واحد وهو وضع صيغة فاعل، وكما في وضع أسماء الإشارة. وإذا كان الوجه في عموم الوضع كونه مغنياً عن الأوضاع المتعددة كان وضع نحو رجل وضعاً خاصاً؛ إذ لا شمول في وضعه؛ إذ لم يغن وضعه عن أوضاع متعددة لمعان متعددة؛ إذ معنى نحو رجل متحد، فهو وضع خاص لموضوع له عام، ولا إحالة فيه؛ إذ لم يجعل التصور الخاص آلة للتصور العام كما ذكر الشريف. والمؤلف # اعتمد ما ذكره شارح الرسالة في إثبات وضع خاص لموضوع عام، لكنه خالفه في توجيه عموم الوضع وخصوصه في القسم الأول والثاني والرابع[١]، فاعتمد فيها توجيه السيد المحقق؛ لقوله # في الأول: لأن متعقل الواضع ... إلخ، وفي الثاني: وتصور هذه المعاني ... إلخ، وفي الرابع: لأن متعقل الواضع ... إلخ. وأما الاعتراض بأن وضع رجل قد أغنى عن الوضع لأفراد متعددة من نحو زيد وعمرو فلا يكون خاصاً فغير وارد؛ لأن وضع رجل إنما هو للمعنى الكلي، ووضع نحو زيد للذات المتشخصة، فلم يغن وضع رجل عن وضع الأعلام وإن صح إطلاقه عليها.
(١) الواو في هذا ونحوه للحال.
(٢) ونحوها مما يدل بالهيئة كما سيأتي.
[١] بل خالفه فيها جميعاً فتأمل. (ح ن). وقد شكل على قوله: فيها جميعاً.