هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[ذكر سبب التأليف]

صفحة 56 - الجزء 1

  وأصله «الإلاه» حذفت الهمزة وعوض منها حرف التعريف تخفيفاً؛


= وأشار المؤلف بقوله: «جميع المحامد» إلى أن اللام للاستغراق، أي: يستحق كل حمد، أي: بكل جميل وعلى كل جميل؛ لما عرفت من أن كل كمال ثابت له سبحانه لا يشذ عنه كمال، وكل من تلك الكمالات يستحق عليها حمداً. ولا يرد حمد العباد⁣[⁣١] على أفعالهم الحسنة؛ إذ يصدق أن الله حقيق به، أما على مذهب الأشاعرة فظاهر، وأما على مذهب المعتزلة فلأن الإمكان منها والإقدار عليها لما كان من الله صح أن يقال: إنه سبحانه يستحق الحمد على تلك الأفعال باعتبار الإقدار عليها والإمكان منها، ولا يلزم رجوع الذم إليه تعالى بالإقدار والتمكين من الشرور والقبائح؛ لأن ذلك ليس بقبيح كما صرح به صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}⁣[الأعراف: ٦٦]، في سورة الأعراف، وتحقيقه في علم الكلام.

(قوله): «وأصله الإله حذفت الهمزة ... إلخ» ودليل ثبوت الهمزة في أصله وجودها في تصاريفه مثل: آله واستأله وتأله، وظاهره أن الحذف والتعويض بعد دخول حرف التعريف، وهو كالمصرح به في حاشية الكشاف للسعد، فإنه قال: فحذفت الهمزة من الإله وعوض منها حرف التعريف. وقد استشكل بأنه⁣[⁣٢] جمع بين العوض والمعوض، وأجاب الشلبي عن ذلك بعد تسليم عدم جواز اجتماع العوض والمعوض بجوابين: أحدهما⁣[⁣٣]: أن المضاف محذوف، أي: عوض منها لازمية حرف التعريف؛ إذ لا يقال: «لاه» كما صرح به التفتازاني في شرحه اللهم إلا على سبيل الشذوذ.

(قوله): «حذفت الهمزة» إما بنقل حركتها إلى ما قبلها على ما هو قياس تخفيف الهمزة، وحينئذ يكون التزام الإدغام على خلاف القياس؛ لأن الإدغام فيما تحرك المثلان من كلمتين من الجائز لا الواجب نحو سلككم، وإما بحذف حركتها فيكون مخالفاً لقياس تخفيف الهمزة، ولزوم الإدغام على القياس. هكذا في حاشية الشيخ.

وكلام الشريف في حواشي الكشاف قاضٍ بأن الحذف والتعويض في المنكر، حيث قال: فحذفت الهمزة من إله حذفاً من غير قياس، ويدل عليه وجوب الإدغام والتعويض، فإن المحذوف قياساً في حكم المثبت.

(قوله): «وعوض منها حرف التعريف» قال الشريف: أي الألف واللام معاً كما هو مذهب الخليل، وحينئذ يظهر قطع الهمزة؛ لأنها جزء العوض عن الحرف الأصلي. أو اللام الساكنة وحدها، إلا أن همزة الوصل لما اجتلبت للنطق باللام جرت هاهنا مجرى الحركة، فلما عوضت اللام من حرف متحرك كان للهمزة مدخل في التعويض فلذلك جاز قطعها.

قال السيد: وإنما اختص القطع بالنداء إذ هناك يتمحض الحرف للعوضية، ولا يلاحظ معها شائبة تعريف أصلاً؛ حذراً من اجتماع أداتين للتعريف، وأما في غير النداء فيجري الحرف على أصله، ويدل على أن قطعها في النداء لكونها عوضاً لا لمجرد لزومها وصيرورتها جزءاً أنهم لما جمعوا بينها وبين النداء في نحو: يا التي تيمت قلبي ... إلخ على الشذوذ لم يجوزوا قطعها وإن كانت جزءاً من الكلمة مضمحلاً عنها معنى التعريف، وذلك لأن المحافظة على الأصل واجبة ما لم يعارضه موجب أقوى كالتعويض فيما نحن فيه.

(قوله): «تخفيفاً» علة لمجرد الحذف؛ إذ لو كان علة الحذف والتعويض فلا تخفيف؛ إذ الحذف لغير تعويض أخف كما لا يخفى، ولم يذكر هذه العلة في حواشي الكشاف.


[١] قوله: «ولا يرد حمد العباد» الإضافة إلى المفعول، أي: محموديتهم سواء كان الحامد الله تعالى أو مخلوقاً. اهـ ح عن القاضي أبي الرجال.

[٢] قوله: «وقد استشكل بأنه ... إلخ»: لم يتصف أحدهما بالعوض والآخر بالمعوض عنه في هذه فلا جمع؛ إذ هو بيان للأصل فتأمل. اهـ ح عن القاضي أحمد بن أبي الرجال.

[٣] قوله: «وأجاب الشلبي عن ذلك بجوابين: أحدهما ... إلخ» والآخر أن حرف التعريف في الإله من قوله: «أصله الإلاه» من الحكاية، قال سيلان: يعني فهي من الشارح لا من المحكي، ومراده أن الله أصله إله منكراً كما ذكر في تفسير القاضي، وإنما دخل حرف التعريف في خبر المبتدأ ... إفادة للحصر كما في زيد الأمير إشارة إلى عدم ارتضائه قول سيبويه بأنه يجوز أن يكون أصله: لاه من لاه يليه بمعنى استتر. (شلبي).