[ذكر سبب التأليف]
  المستحق(١) لجميع المحامد.
=إلا أنه قبل الحذف قد أطلق على غيره إطلاق النجم على غير الثريا، فتكون الغلبة تحقيقية، وبعده لم يطلق على غيره أصلاً، فتكون الغلبة تقديرية، بمعنى أن مقتضى القياس صحة إطلاقه على المعبود بحق مطلقاً كالإله إلا أنه لا يطلق إلا على الواحد[١] الواجب تعالى.
(فائدة) كلام الكشاف وحواشيه قاضٍ بأن لفظ الله تعالى من الأعلام الغالبة، وكلام الشلبي في بحث العلمية من أحوال المسند إليه مشعر بذلك، وله كلام آخر في بحث قول التلخيص: «الحمد لله على ما أنعم» مشعر بخلافه، وهو أن الله من الأعلام الخاصة الموضوعة كوضع زيد وعمرو، حيث قال: فإن قلت: وضع العلم بإزاء المعنى فرع تعقله، وحين لم تعلم حقيقته تعالى لم يعلم ذلك. ثم أجاب بأنه لا نزاع في وقوع تعقله تعالى بصفاته على قدر ما ظهر منها، وإنما الممتنع تعقله بكنه حقيقته، وهو غير لازم في وضع العلم، على أنه إنما يتم ذلك إذا لم يكن الواضع مطلقاً أو واضع هذا الاسم هو الحق تعالى، أما إذا كان هو الواضع وعلم غيره بالإلهام أو الوحي فلا. اهـ ووجه إشعار ما ذكره الشلبي أن ورود هذا السؤال إنما يتوجه على أنه من الأعلام الخاصة الموضوعة لا الغالبة.
واعلم أن الشيخ العلامة | في حواشي شرح التلخيص قد تابع ما ذكره الشلبي في الموضعين.
(قوله): «المستحق لجميع المحامد» خص بالذكر من صفاته هذه الصفة مع استجماع اسم الله لجميع صفات الكمال إشارة إلى استجماعه لها على وجه لطيف، فإن استحقاق جميع المحامد يستلزم ثبوت جميع صفات الكمال؛ لأن كل كمال يستحق أن يحمد عليه، فلو شذ كمال من الثبوت له سبحانه لم يكن مستحقاً لجميع المحامد، ولدلالته على هذا الاستجماع صار الكلام في قوة أن يقال: الحمد مطلقاً منحصر في حق من هو مستجمع لجميع الكمالات من حيث هو كذلك، فهو كدعوى الشيء ببينة وبرهان، ولا يخفى لطفه.
والمحامد: جمع محمِدة بكسر الميم الثانية، مصدر بمعنى الحمد. والوجه في استجماع اسم الله لجميع الصفات أن هذه الذات المخصوصة هي المشهورة بالاتصاف بصفات الكمال، فما يكون علماً لها دالاً عليها بخصوصها يدل على هذه الصفات، لا ما يكون موضوعاً لمفهوم كلي وإن اختص بها، كالرحمن فإنه موضوع لذات لها الرحمة الكاملة وخص في الاستعمال به تعالى. وقد رد هذا بأنه يلزم فهم صفة الظلم من العلم الذي لفرعون كالريان؛ لاشتهار الذات بالظلم. وأجيب بأن دلالة العلم على صفات ما وضع له إنما تتحقق إذا لم يكن له اشتهار بها في ضمن اسم غير العلم فقط، أي: لا في ضمن العلم، بل في ضمن غيره فقط، ومدلول الريان قد اشتهر بصفة الظلم في ضمن فرعون فقط حتى لا تفهم تلك الصفة من علمه الذي هو الريان أو عابوس على اختلاف الروايتين، بخلاف ذات الله تعالى المخصوصة فإنها لم تشتهر بصفات الكمال في إطلاق لفظ فقط غير لفظ الله، بل هي مشهورة بتلك الصفات في ضمن العلم الدال عليها كلفظ الله حتى لو كان لها علم سوى لفظ الله تعالى كان دالاً أيضاً عليها =
(١) في بعض النسخ: المستجمع. قيل: إنما عدل عن قولهم: «المستحق» إذ يلزم منه ألا يثبت له إلا بعد وجود المستحق عليه.
[١] قوله: «إلا أنه لا يطلق إلا على الواحد ... إلخ» حصر إطلاقه على الواحد الواجب تعالى لا يستلزم العلمية بالغلبة، وهي المسماة بالعلم الاتفاقي، وهو المراد هنا، فلو قال: إلا أنه لا يطلق إلا على الواحد الواجب بخصوصه بطريق غلبة العلمية. (ح ن).