فصل: [فيما يتعلق بمباحث الحاكم]
  على مرجح) بل صدر عنه تارة ولم يصدر عنه أخرى من غير سبب يرجح وجوده على عدمه (فاتفاقي) أي: فالفعل اتفاقي صادر بلا سبب يقتضيه، فلا يكون اختيارياً(١)؛ لأن الفعل الاختياري لا بد له من إرادة جازمة ترجحه(٢).
  (وإلا) يكن كذلك، بل توقف وجود الفعل منه على مرجح لفعله على تركه فإما أن يكون ذلك المرجح من العبد أو لا، إن لم يكن من العبد فالفعل مثله، وإن كان من العبد (عاد التقسيم) بأن ينقل الكلام إلى صدور ذلك المرجح عنه(٣) فيتسلسل، وهو محال، فيكون العبد مضطراً لا اختيار له في أفعاله على جميع التقادير، فكان مجبوراً فيها، فلا يتصف شيء منها بالقبح والحسن العقليين بالإجماع المركب: أما عندنا فإذ لا مدخل للعقل فيهما، وأما عندكم فلأنهما من صفات الأفعال الاختيارية(٤).
  (ورد) ما تمسكوا به أولاً: (بمقابلته للضرورة) فلا يسمع دليل نصب في مقابلتها؛ لأنه سفسطة باطلة ومكابرة ظاهرة.
(قوله): «فإن لم يتوقف على مرجح» أصلاً لا إرادة ولا غيرها.
(قوله): «فاتفاقي» فهو كفعل الساهي والنائم.
(قوله): «فالفعل مثله» أي: في أنه ليس من العبد كما هو ظاهر العبارة، وفي شرح المواقف أن الفعل يكون مع ذلك المرجح واجب الصدور، وإلا لم يكن ذلك المرجح مرجحاً تاماً، وإذا كان الفعل مع المرجح الذي ليس منه واجب الصدور عنه كان اضطرارياً لازماً، لا اختيارياً بطريق الاستقلال.
(١) فلا يتصف بحسن ولا قبح.
(٢) يعني ترجح الوجود على الترك، لا أنها تصيره راجحاً؛ إذ قد يريد المرجوح، وهو ما تركه أولى من فعله.
(٣) أي: عن العبد.
(*) قال العضد: إن افتقر إلى مرجح فمع المرجح يعود التقسيم فيه، بأن يقال: إن كان لازماً فاضطراري، وإلا احتاج إلى مرجح آخر ولزم التسلسل. وعبارة الحلي في شرحه على مختصر المنتهى المسمى غاية الوصول: فمع ذلك المرجح إما أن يكون الفعل واجباً أوجائزاً، ويعود التقسيم إلى أن ينتهي إلى الوجوب، وهو قول بالجبر.
(٤) يريد وقد بطل كونها اختيارية؛ لأنه مجبور.