هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام التكليفية]

صفحة 579 - الجزء 1

  (يتعلق بالجميع⁣(⁣١)) ويسقط بفعل البعض.

  وقيل: إنما يتعلق بالبعض، ثم اختلفوا، فقال الرازي والسبكي⁣(⁣٢): هو بعض مبهم. وقيل: معين عند الله. وقيل: من قام به.

  احتج الأولون بقوله: (لإثم الجميع بالترك اتفاقاً) والتأثيم ليس إلا بواجب⁣(⁣٣). ولأنه إن أراد بالمبهم بعض الأفراد فمن تكليف الغافل، وإن أراد القدر المشترك كما قيل في الواجب المخير فهو كلي لا يعقل تكليفه.

  احتج القائلون بتعلقه بالبعض مبهماً بسقوطه بفعل البعض، ولو وجب على


(قوله): «لإثم الجميع بالترك ... إلخ» أجاب في الجواهر عن هذا بأن تأثيم الجميع عندهم عين الاعتراف منهم بأن الإيجاب على الواحد المبهم غير معقول.

(قوله): «بعض الأفراد» أي: جزئي غير معين.

(قوله): «فمن تكليف الغافل» أي: من لا يعلم؛ إذ لا يعلم توجه التكليف إليه مع الإبهام.

(قوله): «القدر المشترك» أي: الأمر الكلي، وهو أحد الأشخاص مبهماً.

(قوله): «لا يعقل تكليفه» إذ لا وجود له في الخارج.


(١) أي: على كل واحد. وقيل: المراد الجميع من حيث هو؛ إذ لو تعين على كل واحد كان إسقاطه عن الباقين رفعاً للطلب بعد تحققه، فيكون نسخاً مفتقراً إلى خطاب جديد، ولا خطاب فلا نسخ فلا سقوط، بخلاف الإيجاب على الجميع من حيث هو فإنه لا يستلزم الإيجاب على كل واحد، ويكون التأثيم للجميع بالذات، ولكل واحد بالعرض. وأجيب بأن سقوط الأمر قبل الأداء قد يكون بغير النسخ، كانتفاء علة الوجوب⁣[⁣١]، كاحترام الميت⁣[⁣٢] مثلاً، فإنه يحصل بفعل البعض؛ فلهذا ينسب السقوط إلى فعل البعض، وأيضاً يجوز أن ينصب الشارع أمارة على سقوط الواجب [الوجوب (ح سعد)] من غير نسخ⁣[⁣٣]. (سعد).

(٢) يعنى به تاج الدين صاحب الجمع، وأما تقي الدين والد المذكور فمذهبه مذهب الجمهور كما صرح به في الجمع.

(٣) والتأثيم هاهنا لا على وجه التخطئة كما في المسائل الاجتهادية عند من قال: الحق مع واحد، بل التأثيم الذي تلزم به الهلكة، والله أعلم.


[١] عبارة فصول البدائع: وليس رفع الحكم نسخاً مطلقاً، بل بدليل شرعي متراخ، وهذا ارتفاع بطريق عقلي لارتفاع شرطه، وهو فعل المقصود.

[٢] أي: فَعِلَّة وجوب الصلاة عليه احترامه.

[٣] أي: من غير رفع الحكم بالكلية، حتى لو تحقق وقت ذلك الواجب تحقق الواجب من دون خطاب جديد. (علوي).