فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  وقال بعضهم: إنه قضاء يسد مسد الأداء؛ للإجماع على نفي الإثم، وهذا معنى قوله: (فإن أخر فالأداء والقضاء قولان. وقيل:) متعلق الوجوب من الوقت (آخره) وهو قول الأكثر من أصحاب أبي حنيفة(١) (و) اختلفوا فيما فعل في أول الوقت، فمنهم من يرى (كون التقديم) للفعل قبل آخر الوقت يصير الفعل (نفلاً يسقط الفرض) كالوضوء قبل دخول الوقت.
  ورد بأنه لو كان نفلاً لجاز أن يؤديه بنيته(٢).
  ومنهم: من يرى أنه واجب معجل، وهو ما أشار إليه بقوله: (أو واجباً معجلاً) كالزكاة المخرجة(٣) قبل وقتها.
(قوله): «وقيل آخره» هو ما يتسع لتكبيرة، كذا في البحر في أول باب الأوقات. وقيل: ما يتسع الوضوء والصلاة[١].
(قوله): «نفلاً» خبراً لكون، واسمه التقديم، فقد أخبر باسم العين عن اسم المعنى[٢]، وقد صح ذلك للمبالغة كما ذكره نجم الأئمة في قوله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}[البقرة: ١٧٧]، وقد جعل المؤلف # خبر التقديم في الشرح فعل الصيرورة ونفلاً خبرها[٣] كالتأويل لصحة الإخبار، ولا تخلو العبارة عن خفاء.
(قوله): «كالزكاة المخرجة قبل وقتها» أجاب بعض المحققين[٤] أن الحول شرط للتحتم لا سبب للوجوب، بخلاف الوقت، وإلا لصحت قبله، وسيأتي للمؤلف في مسألة الأداء أن ملك النصاب الذي هو جزء السبب قائم مقام الوقت، فلا تقديم.
(١) وأحد قولي القسم ورواية عن الهادي.
(*) يحقق النقل، ففي تحرير ابن الهمام - وهو أعرف بمذهب أصحابه - ما لفظه: السبب هو الجزء الأول من الوقت عيناً؛ للسبق والصلاحية بلا مانع، وعامة الحنفية: هو، فإن لم يتصل به الأداء انتقلت كذلك إلى ما يتصل به، وإلا الأخير. (قال في الأم: من خط الوالد هاشم بن يحيى).
(٢) أي: بنية كونه نفلاً، لكنه يعارض بالوضوء قبل الوقت؛ لكونه نفلاً ولا يؤدى بنيته اتفاقاً.
(٣) وفي نسخة: المعجلة.
[١] وهل المراد آخر الوقت الاختياري أم الاضطراري؟ تردد فيه الإمام عزالدين في شرح البحر وقال: إن كلام البحر يشعر بالأول، ومذهبهم يشعر بالثاني. (ح). وفي شرح الجوهرة للدواري: فائدة: كم قدر آخر الوقت الذي علق الحنفية الوجوب به؟ يحتمل أن يقال: إنه قدر نصف الوقت المتأخر، ويحتمل أن يقال: إنه قدر الطهارة وتأدية الصلاة، وهو الأولى. (سياغي).
[٢] الحمل في عبارة المؤلف غير صحيح، ولكن لا لما ذكره المحشي؛ إذ النفل اسم معنى أيضاً، وإنما الوجه في عدم الصحة كون النفل صفة لمتعلق التقديم - وهو الصلاة - لا للتقديم، والله أعلم. (ح عن خط شيخه).
[٣] بل هو مفعول ثان ليصير بمعنى يجعل. (ح عن خط شيخه الحسن).
[٤] هو الجلال في شرح الفصول. اهـ (ح).