هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 603 - الجزء 1


= لأن الأمر بشيء فرع الشعور به، وقد علمنا قطعاً صحة إيجاب الفعل الواجب مع عدم الشعور بمقدمته، فيتحصل حينئذ قياس استثنائي منتجه رفع التالي هكذا: لو كان غير الشرط الشرعي مأموراً به بما أمر به الواجب لكان مشعوراً به، لكنه غير مشعور به، ينتج فلا يكون مأموراً به، وهو المطلوب. أو قياس اقتراني هكذا: غير الشرط الشرعي غير مشعور به، وكل غير مشعور به غير مأمور به، ينتج بديهة: غير الشرط الشرعي غير مأمور به، وهو المطلوب. والجواب: بمنع كون قضية ذلك التعقل كلية، لم لا تكون في خاص، وهو ما يكون وجوبه بالأصالة؟ وعلى تقدير تسليمه هو لازم لكم فيما قصرتم عليه الوجوب بوجوب الواجب، وهو الشرط الشرعي، فما هو جوابكم فهو جوابنا، فإن فرقتم بين الشرعي وغيره بأن الشارع جعل الشرط الشرعي من تتمة الواجب حيث جعل الفعل الواجب موقوفاً عليه فمتى طلب الواجب فقد طلب الشرط الشرعي لذلك التوقف - قلنا: الموقوف فيه لا يعلل إلا بخطاب الشرع، وهذا يخرجه عن كونه مقدمة للواجب إلى حيز الواجب أصالة، فيتعطل عنه محل النزاع. الثاني: أنه لو وجب الشرط الشرعي بما وجب به الواجب لامتنع التصريح بعدم وجوبه، واللازم باطل؛ لصحة التصريح بأنه غير واجب حيث نقول: يصح القول بوجوب غسل الوجه مع صحة القول بعدم وجوب غسل شيء من الرأس. والجواب: منع بطلان اللازم في حق العاجز عن استكمال غسل الوجه إلا بغسل جزء من الرأس، وهو الذي كان غسل جزء من الرأس شرطاً لغسل كل الوجه في حقه، وأما القادر على استكمال غسل الوجه من دون غسل جزء من الرأس فليس غسل جزء من الرأس شرطاً للوجوب في حقه، فلا تعلق له بالبحث. الثالث: أنه لو وجب غير الشرط الشرعي بما وجب به الواجب للزم أن يعصى بتركه، والتالي باطل، فالمقدم مثله. بيان البطلان: أنه لا يعصى بترك غسل جزء من الرأس حيث لم يحصل بدونه استكمال الوجه، إنما يعصى بترك غسل بعض الوجه. والجواب: أنه غير واجب في حق القادر كما تقدم، فهو غير محل النزاع، ولا نسلم عدم وجوبه في حق العاجز، فأقيموا الدليل. الرابع: أنه لو كان غير الشرط الشرعي مأموراً بما أمر به الواجب لانقلب المباح واجباً. بيان ذلك: أن ترك الحرام واجب، ولا يمكن تركه إلا بشرطه العقلي الذي هو فعل المباح، فيجب كوجوبه، فيلزمنا الرجوع إلى قول أبي القاسم مع قولنا ببطلانه. والجواب: منع أنه لا يمكن ترك الحرام إلا بفعل المباح، ومنع أنه لا يخلو المكلف عن الأخذ والترك، لم لا يجوز أن يتوقف على فعل غير مباح أو لا يتوقف على فعل أصلاً؟ الخامس: أنه لو كان غير الشرط الشرعي مأموراً به بما أمر به الواجب لوجبت نيته، والإجماع على خلافه. والجواب: منع وجوب نية ما بالعرض كالمقدمة هنا، وإلا لزم نية النية إلى ما لا يتناهى. (من خط سيدي عبدالله بن علي الوزير ¦).