هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 602 - الجزء 1

  وتحقيقه: أن إيجاب الشيء يقتضي المنع من تركه، وعدم إيجاب مقدمته التي لا يحصل على الوجه المطلوب منه إلا بها يقتضي جواز تركها، وهو يستلزم عدم المنع من تركه⁣(⁣١)، فيجتمع النقيضان⁣(⁣٢)، وهو محال.

  وقد يحقق بوجه آخر، وهو: أنه لو لم يقتض وجوبه وجوب ما يتوقف عليه لكان مكلفاً بفعله في حال عدم ما يتوقف عليه، والمفروض أنه لا يحصل على الوجه المطلوب من دونه، فيكون تكليفاً بالمحال⁣(⁣٣).

  احتج (الثاني): بأن (إيجاب شيء) بدليل يدل عليه (لا يتعداه) إلى غيره من الأمور الخارجة⁣(⁣٤) عنه، فإيجاب بعضها بدليل ذلك الواجب تحكم.

  (و) الجواب: أن ما ذكرتموه من أنه لا يتعداه إلى غيره (لا نسلمه فيما يتوقف عليه) حصوله؛ فإن العرف شاهد بأن وجوب الشيء يفيد ذلك بمعناه⁣(⁣٥).

  احتج (الثالث) على وجوب الشرط الشرعي وعلى عدم وجوب غيره⁣(⁣٦) أما


(قوله): «يفيد ذلك» أي: وجوب ما يتوقف عليه «بمعناه» أي: بمعنى وجوب ذلك الشيء. وعبارة المؤلف # كما في شرح الجوهرة ونقله الشيخ العلامة في شرح الفصول، ولعل المراد بواسطة استلزام معناه لوجوبه؛ لأنك قد عرفت سابقاً أن ذلك من دلالة الالتزام لا التضمن.


(١) قد يقال: الذي يظهر استلزامه لعدم الإتيان به على الوجه المطلوب منه لا لعدم المنع من تركه، والله أعلم.

(٢) المنع من ترك ذلك الشيء وعدم المنع منه.

(٣) قد يقال: هو ممنوع؛ إذ لا يكون تكليفاً بالمحال إلا لو كلف بالإتيان بفعل هذا الفعل وترك ما يتوقف عليه، وهو هنا ليس كذلك.

(٤) في المطبوع ونسخة مخطوطة: الخارجية.

(٥) أي: تضمنه. (من خط سيلان). بل استلزمه. تأمل.

(٦) ولفظ حاشية: توضيح المقام بلفظ أبسط مع زيادة أن يقال: وأما غير الشرط الشرعي فالدليل على عدم وجوبه بما وجب به الواجب أمور: الأول: أن وجوبه بما وجب به الواجب يستلزم أن يتعقله من أوجبه، وإلا أدى إلى أن يأمر ذلك الموجب بشيء لا يشعر به، وهو لا يتصور؛ =