فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  وتحقيقه: أن إيجاب الشيء يقتضي المنع من تركه، وعدم إيجاب مقدمته التي لا يحصل على الوجه المطلوب منه إلا بها يقتضي جواز تركها، وهو يستلزم عدم المنع من تركه(١)، فيجتمع النقيضان(٢)، وهو محال.
  وقد يحقق بوجه آخر، وهو: أنه لو لم يقتض وجوبه وجوب ما يتوقف عليه لكان مكلفاً بفعله في حال عدم ما يتوقف عليه، والمفروض أنه لا يحصل على الوجه المطلوب من دونه، فيكون تكليفاً بالمحال(٣).
  احتج (الثاني): بأن (إيجاب شيء) بدليل يدل عليه (لا يتعداه) إلى غيره من الأمور الخارجة(٤) عنه، فإيجاب بعضها بدليل ذلك الواجب تحكم.
  (و) الجواب: أن ما ذكرتموه من أنه لا يتعداه إلى غيره (لا نسلمه فيما يتوقف عليه) حصوله؛ فإن العرف شاهد بأن وجوب الشيء يفيد ذلك بمعناه(٥).
  احتج (الثالث) على وجوب الشرط الشرعي وعلى عدم وجوب غيره(٦) أما
(قوله): «يفيد ذلك» أي: وجوب ما يتوقف عليه «بمعناه» أي: بمعنى وجوب ذلك الشيء. وعبارة المؤلف # كما في شرح الجوهرة ونقله الشيخ العلامة في شرح الفصول، ولعل المراد بواسطة استلزام معناه لوجوبه؛ لأنك قد عرفت سابقاً أن ذلك من دلالة الالتزام لا التضمن.
(١) قد يقال: الذي يظهر استلزامه لعدم الإتيان به على الوجه المطلوب منه لا لعدم المنع من تركه، والله أعلم.
(٢) المنع من ترك ذلك الشيء وعدم المنع منه.
(٣) قد يقال: هو ممنوع؛ إذ لا يكون تكليفاً بالمحال إلا لو كلف بالإتيان بفعل هذا الفعل وترك ما يتوقف عليه، وهو هنا ليس كذلك.
(٤) في المطبوع ونسخة مخطوطة: الخارجية.
(٥) أي: تضمنه. (من خط سيلان). بل استلزمه. تأمل.
(٦) ولفظ حاشية: توضيح المقام بلفظ أبسط مع زيادة أن يقال: وأما غير الشرط الشرعي فالدليل على عدم وجوبه بما وجب به الواجب أمور: الأول: أن وجوبه بما وجب به الواجب يستلزم أن يتعقله من أوجبه، وإلا أدى إلى أن يأمر ذلك الموجب بشيء لا يشعر به، وهو لا يتصور؛ =