[الأحكام التكليفية]
  شرعاً(١)، يقال: هذا جائز، أي: لا يمتنع من جهة الشرع، فيشمل الواجب والمندوب والمكروه(٢) والمباح. وعلى ما لا يمتنع عقلاً، فيشمل الواجب والراجح والمرجوح ومتساوي الطرفين. وقد عد بعضهم للجائز ثمانية معانٍ يطلق عليها بالاشتراك.
  (والإباحة حكم شرعي غير مكلف به على الأصح) وهو قول الجمهور فيهما، والخلاف في الأولى(٣) لبعض المعتزلة، قالوا: إنها حكم عقلي؛ لأن معنى المباح أنه لا حرج في فعله وتركه، وذلك معلوم قبل السمع، فتكون الإباحة تقريراً للنفي الأصلي لا تغييراً، فلا تكون من الشرع.
  والحق أن الإباحة لا تكون دائماً تقريراً للنفي الأصلي كالذبح والركوب على الحيوانات، وما ورد به الشرع منها مقرراً للنفي الأصلي ففيه ما سبقت الإشارة إليه من الخلاف(٤).
  وأما الثانية فالخلاف فيها لأبي إسحاق الاسفراييني، وهو بعيد - وقد حمل على أنه أراد أنها تتضمن تكليفاً، وهو وجوب اعتقادها(٥) - لأن التكليف طلب ما فيه كلفة ومشقة، ولا طلب في المباح فضلاً عن المشقة والكلفة.
(قوله): «وعلى ما لا يمتنع عقلاً فيشمل الواجب» يعني الواجب العقلي.
(قوله): «والراجح» عقلاً، وهو المندوب العقلي. «والمرجوح» وهو المكروه العقلي. «ومتساوي الطرفين» وهو المباح عقلاً، وسيأتي في باب الحظر والإباحة إن شاء الله تعالى. وقد أغفل المؤلف # القسم الرابع مما يطلق عليه الجائز، وقد ذكره ابن الحاجب وشارحه، وهو ما استوى الأمران فيه، وكأنه # تركه لما ذكره السعد من أن ما استوى الأمران فيه شرعاً هو المباح، فلا ينبغي أن يعد هذا قسماً مستقلاً، ولكن قد دفع ما ذكره بأن هذا القسم أعم من المباح؛ إذ المراد به ما استوى الأمران فيه شرعاً كالمباح أو عقلاً كفعل الصبي.
(قوله): «وعد بعضهم ... إلخ» كما ذكره في حواشي شرح المختصر، وقد نقلناه في حاشية على الحاشية مع توضيح ما ذكره في شرح المختصر، فإن كلامه في هذا المقام خفي فتأمله، وهو بحث مفيد.
(قوله): «ففيه ما سبقت الإشارة إليه من الخلاف» يعني في المقدمة عند قوله: «موضوعه أدلة الفقه»، فعند أبي الحسين أن ما قرره الشرع مما يصح أن يغير من أحكام العقل شرعي.
(قوله): «وأما الثانية» أي: المسألة الثانية، وهي كون الإباحة غير تكليفي.
(قوله): «لأن التكليف» علة لقوله: وهو بعيد.
(١) كما يقال: الأكل بالشمال جائز، أي: لا مانع منه شرعاً. وفي حاشية: كفعل الصبي. وجعله العضد مثالاً لما استوى فيه الأمران عقلاً.
(٢) كراهة تنزيه.
(٣) هي قوله: الإباحة حكم شرعي.
(٤) بين الشيخ أبي الحسين البصري والشيخ الحسن الرصاص.
(٥) لكن هذا فعل آخر مغاير لفعل الإباحة، وكلامنا في نفس فعل الإباحة. (من بعض حواشي شرح العضد).