[الأحكام التكليفية]
[مسألة في أن المباح ليس مأموراً به]
  مسألة: (و) المباح (ليس مأموراً به) وهذا قول عامة العلماء، وروي عن أبي القاسم(١) البلخي أنه يقول بأنه مأمور به حقيقة، وأنه لا مباح في الشرع، بل كل ما يفرض مباحاً فهو واجب مأمور به.
  قال الإمام يحيى: هذه الرواية حكاها عنه الرازي وغيره، وهي حكاية مغمورة لا تعرف مذهباً له ولا لأحد من أصحابه، ولو قالها لنقلها عنه إخوانه البصريون، ثم قال: وإنما المحكي عنه قوله: إن المباح مأمور به لكنه دون المندوب، كما أن المندوب مأمور به لكنه دون الواجب. فهذا مع بطلانه هو المشهور عنه، وقد نقل عنه العلامة في شرحه على مختصر المنتهى مثل ما نقل عنه الإمام يحيى(٢).
  لنا: أن الأمر طلب، والطلب ينافي الإباحة (للزوم الترجيح) للمطلوب
(قوله): «بأنه مأمور به» أي: يسمى مأموراً به، وقوله: «حقيقة» بناء على أن المباح واجب فيكون مأموراً به أمر إيجاب.
(قوله): «إخوانه» في شرح الشيخ العلامة أحزابه[١].
(قوله): «لكنه دون المندوب» فعلى هذا ينبني الخلاف على أن لفظ الأمر حقيقة في ماذا؟ هل هو نفي الحرج عن الفعل أو الطلب إيجاباً أو ندباً أو في القدر المشترك بينهما؟ فعلى الأول هو مأمور به - أي: مأذون فيه - بخلاف الثاني.
(قوله): «فهذا مع بطلانه» وجه البطلان فيما هو المشهور أن الأمر حقيقة لا يستعمل بمعنى نفي الحرج أصلاً، علم ذلك باستقراء لغة العرب، كذا ذكره الشيخ العلامة.
(١) نقله عنه إمام الحرمين وابن برهان والآمدي، واختار ابن السبكي عنه ما سيأتي من الرواية، وقال: كلام ابن الحاجب يدل عليه، والله أعلم.
(*) تارة يقال له: البلخي نسبه إلى بلخ بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وبعدها خاء معجمة إحدى مدن خراسان. (من تاريخ ابن خلكان). وتاوة يقال له: الكعبي: نسبة إلى قبيلة كعب. (قسطاس).
(٢) نقله البرماوي عن القاضي ثم قال: وقال: إنه وإن أطلق الأمر على المباح فلا يسمي المباح واجباً ولا الإباحة إيجاباً. وتبعه على ذلك الغزالي في المستصفى وابن القشيري في أصوله.
[١] الذي رأيناه في نسخة من شرح الفصول بخط الشيخ: إخوانه، وفي نسخة أخرى أيضاً لم تكن بخطه: إخوانه، فلعل القاضي رأى هذا في نسخة صحف فيها الناسخ لفظ الإخوان إلى الأحزاب. (من خط سيدي أحمد ح).