هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام الوضعية]

صفحة 661 - الجزء 1

  وإنما كان هذا النوع ثلاثة أقسام (لأنه إن حكم على الشيء) باستلزام حكم⁣(⁣١) فإما أن يحكم عليه (باستلزام وجوده وجود حكم فالسبب⁣(⁣٢)) أي: فهو المسمى سبباً، ومعنى الحكم عليه: أن يجعل وصف ظاهر منضبط مناطاً⁣(⁣٣) لوجود حكم، كالزنا فإنه حكم فيه بكونه سبباً لوجوب الجلد، بمعنى أنه إذا وجد الزنا وجد


(قوله): «لأنه إن حكم على الشيء باستلزام حكم» أراد المؤلف # بهذا الكلام الإتيان بأمر جامع للثلاثة كالضابط لها ثم تفصيل كل قسم منها بقوله: فإما أن يحكم ... إلخ، لكن في دخول الشرط في قوله⁣[⁣١]: باستلزام حكم خفاء؛ إذ الشرط غير مستلزم لحكم، إنما المستلزم عدمه لعدم الحكم، والمانع وجوده لا يستلزم حكماً، بل يستلزم عدم الحكم.

لا يقال: إنه أراد بالشيء أعم من الوجود أو العدم، فيدخل في الأول السبب والمانع وفي الثاني الشرط، وأراد بالحكم في قوله: «باستلزام حكم» أعم من وجود الحكم كما في السبب أو عدمه كما في الشرط والمانع، وأراد بالعدم ما يشمل عدم الحكم الوضعي ليشمل مانع السبب - لأنه يقال: هذا التأويل لا يناسب قوله: باستلزام وجوده وجود الحكم، ولا قوله: باستلزام عدمه عدم الحكم؛ إذ يكون المعنى حكم على وجود السبب مثلاً باستلزام وجوده ... إلخ أو حكم على عدم الشرط باستلزام عدمه⁣[⁣٢].

وقد يقال: المراد حكم على الشيء نفسه - وهو الثلاثة - باستلزام حكم، ويكون إسناد الاستلزام الذي هو لوجودها كما في السبب⁣[⁣٣] والمانع أو لعدمها كما في الشرط إلى الثلاثة أنفسها مجازاً؛ بقرينة إسناده الاستلزام في آخر الكلام إلى الوجود أو العدم حيث قال: باستلزام وجوده أو باستلزام عدمه فتأمل.

ولو قال المؤلف #: باستلزام وجوده أو عدمه لأمر فإما ... إلخ لظهر المعنى.

(قوله): «لكونه سبباً لوجوب الجلد ... إلخ» فلله تعالى في الزنا حكمان: وجوب الجلد، وهو الحكم التكليفي، وسببية الزنا، وهو الحكم الوضعي.


(١) ظاهر هذا لا يشمل الشرط والمانع. اهـ وفيه ما ذكره سيلان.

(٢) يرد عليه أن هذا حكم له، وحكم الشيء موقوف على تصوره، فلو توقف عليه تصوره لزم الدور، ومثل هذا في شرح البرماوي عند تعريف السبب.

(٣) مفعول ثان ليجعل.


[١] ليس كما ذكره المحشي ¥، فإن المؤلف لم يرد باستلزام وجوده وجود حكم إلا السبب لا غير، ولم يرد أن ذلك جامع للثلاثة فتأمل. (سيدي عبدالقادر بن أحمد). هذا بالنظر إلى عبارة الأصل، والمحشي نظر إلى مجموع عبارة الأصل والشرح.

[٢] غاية ما لزم من هذا وضع الظاهر موضع المضمر⁣[⁣٠]، وهو جائز، مع أنه هاهنا في التقدير لا في اللفظ. (إسماعيل بن محمد بن إسحاق ح).

[٠] إن أعيد الضمير إلى المضاف إليه، لا إلى المضاف كما هو الظاهر فلا يستقيم المعنى. (حسن بن يحيى).

[٣] كما صرح به المؤلف في قوله: لأحكام تكليفية وجوداً وانتفاء. (حسن بن يحيى من خط العلامة أحمد بن محمد السياغي).