هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 675 - الجزء 1

  (والإجزاء⁣(⁣١)) في اللغة: النيابة والإغناء، وفي الاصطلاح: (كالصحة في العبادات) فهو أخص منها مطلقاً، فلا يوصف به إلا العبادات من أداء أو إعادة أو قضاء، فهو ترتب الآثار المفسرَة بموافقة الأمر أو سقوط القضاء.

  والاعتراض⁣(⁣٢) على التفسير بسقوط القضاء بتعليل السقوط بالإجزاء إذ يقال: سقط قضاؤه لأنه أجزأ، والعلة غير المعلول، فلا يستقيم تفسير تعريف الإجزاء بما هو مغاير له - مردود بأن التعريف بالخارج اللازم جائز في الرسم، بل واجب.


(قوله): «فهو أخص منها مطلقاً» أي: من كل وجه، ويحتمل أن المراد أن الإجزاء أخص من الصحة المقيدة بكونها في العبادات، وهذا هو الذي يستقيم به المعنى؛ فإن الإجزاء ليس أخص منها، بل هو مساو لها، لكن ظاهر العبارة عود الضمير إلى الصحة المقيدة، فلو قال: فهو أخص من مطلق الصحة لكان أظهر.

(قوله): «فلا يوصف» بيان لكونه أخص.

(قوله): «والاعتراض» مبتدأ، خبره قوله: مردود.

و (قوله): «بسقوط» متعلق بالتفسير.

و (قوله): «بتعليل» متعلق بالاعتراض.

و (قوله): «إذ يقال» علة للتعليل، والمعنى: والاعتراض بأن سقوط القضاء يعلل بالإجزاء إذ يقال: سقط قضاؤه لأنه أجزأ، والعلة غير المعلول، فلا يكون سقوط القضاء نفس حقيقة الإجزاء، بل هو تعريف بالمباين، وهذا قول المؤلف #: فلا يستقيم تفسير الإجزاء بما هو مغاير له.

(قوله): «مردود» حاصله أن ما ذكره المعترض إنما هو في الحد الحقيقي، لا التعريف الرسمي فيجوز بالخارج اللازم؛ إذ المقصود مجرد التمييز.

و (قوله): «بل واجب» إذ لا يتحقق كونه رسماً إلا بذلك؛ إذ رسم الشيء هو الأثر الخارج عنه، لكن الظاهر أن المعترض أراد أن التعريف هنا وقع بما هو غير محمول على المعرف؛ لأنه مباين، والحمل شرط في التعريف⁣[⁣١].


(١) مبتدأ، وكالصحة خبره، وفي العبادات متعلق بالإجزاء، والتقدير: والإجزاء في العبادات كالصحة التي تعم العبادات والمعاملات، ووجه الشبه: أن كلاً من الصحة والإجزاء يرسم بترتب الآثار. (سيدي عبدالقادر بن أحمد |).

(*) في القاموس في باب الهمزة وفصل الجيم: وأجزأت عنك مجزأ فلان ومجزأته ويضمان: أغنيت عنك مغناه. وفيه أيضاً في باب الواو والياء وفصل الجيم: وأجزى عنه يجزي مجزى فلان ومجزاته بضمهما وفتحهما: أغنى عنه، لغة في الهمزة.

(٢) الاعتراض إنما يرد لو فسرت الصحة والإجزاء بسقوط القضاء كما فسر الصحة ابن الحاجب، وأما على ما اختاره من أنها ترتب الأثر، وسقوط القضاء إنما هو تفسير للأثر - فلا وجود له رأساً، ولا حاجة إلى الجواب بما ذكر. (من خط القاضي حسين بن محمد المغربي |).


[١] قيل: أصل الاعتراض غلط؛ لجعله سقوط القضاء نفس الصحة والإجزاء، وليس كذلك، إنما هو تفسير آثارهما، فهو مندفع من أصله. (حسين بن محمد المغربي). ينظر في هذا. (حسن بن يحيى، عن خط العلامة أحمد بن محمد السياغي).