[التكليف بما لا يطاق وبيان الخلاف فيه]
  قالوا: لو آمن الكافر وأطاع العاصي لانقلب علمه تعالى(١) جهلاً، وأدخل فيه الأشعري أيضاً جميع التكاليف؛ لانتفاء القدرة حال التكليف كما يجيء إن شاء الله تعالى.
  والثاني: وهو المعني بما لا يطاق(٢) وفيه النزاع إما أن يكون مستحيلاً بالنظر
=وإن علم الله عدم وقوعه فلا تأثير لامتناعه العارض[١] باختيار المكلف عند الجميع.
وفي شرح المختصر: وإن ظن قوم أنه ممتنع لغيره. وكأن المؤلف # نسبه إلى جمهورهم إلزاماً مما ذكره المؤلف من قولهم بانقلاب علمه تعالى جهلاً لو آمن الكافر وأطاع العاصي، فإن الظاهر من كلام أصحابنا عنهم في الكتب الكلامية أن القول بالانقلاب لجمهورهم، فيحصل التوفيق بين هذا وبين ما في شرح المختصر، وينظر في التوفيق بينه[٢] وبين ما في الفصول من دعوى الإجماع.
(قوله): «لانتفاء القدرة حال التكليف كما يجيء إن شاء الله تعالى» لأن الأشعري يقول: لا قدرة له إلا حال الفعل، وهو حال الفعل غير مكلف؛ لأن معنى التكليف استدعاء الفعل، وهو لا يتصور إلا قبل الفعل، فهو حال التكليف غير مستطيع، وهذا الكلام من المؤلف بناء على غير ما رواه عنه فيما يأتي من أن التكليف إنما هو حال الفعل لا قبله، وقد نبه المؤلف فيما يأتي على أن ما ذكر عنه هنا مخالف لما يأتي.
(١) في المطبوع: لانقلب علم الله.
(٢) قال سعد الدين في شرح العقائد: ثم عدم التكليف بما ليس في الوسع متفق عليه؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، والأمر في قوله تعالى: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ}[البقرة: ٣١] للتعجيز دون التكليف، وقوله [تعالى حكاية عن حال المؤمنين[٣]]: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}[البقرة: ٢٨٦] ليس المراد بالتحميل هو التكليف، بل إيصال ما لا يطاق من العوارض إليهم، وإنما النزاع في الجواز، فمنعه المعتزلة بناء على القبح العقلي، وجوزه الأشعري لأنه لا يقبح من الله شيء.
(*) قال السيد حسن الجلال في شرح الفصول: واعلم أن الخلاف في هذه المسألة ينبني على الخلاف في ماذا يصير به الأمر أمراً، فالمعتزلة ومن تبعهم على أن الأمر إنما يصير أمراً بإرادة المأمور به، والأشاعرة ومن تبعهم على أنه يصير أمراً بإرادة كونه أمراً فقط، وقد تقدم الخلاف في ذلك، ثم تكلم بعد هذا بكلام اعترض عليه بعض المحققين |، فكان الاقتصار هنا على ما سلم من الخفاء والإشكال، فراجعه إن شئت.
[١] في المطبوع: لعارض. والمثبت من شرح الفصول.
[٢] يقال: كلام المؤلف لا ينافي ما في الفصول، فقد صرح المؤلف بالاتفاق على جواز وقوعه، وذكره إدخال جمهور الأشاعرة له فيما لا يطاق إنما هو باعتبار امتناعه لغيره، وهو لا ينافي إمكانه لذاته فتأمل. (سيدي حسن الكبسي. ح).
[٣] ما بين المعقوفين من شرح العقائد.