هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان المحكوم عليه وأحكامه

صفحة 730 - الجزء 1

  (و) جواب (الثاني منع الثانية) وهي بطلان اللازم (إن أراد) العلم (القطعي) الذي لا يحتمل النقيض (وإلا) يكن المراد ذلك بل الاعتقاد الجازم سواء كان مطابقاً ثابتاً أو لا (فالأولى⁣(⁣١)) وهي الملازمة ممنوعة؛ لجواز أن يجزم المكلف ببقائه إلى وقت التكليف؛ لغلبة الأمل، أو يجزم بالتكليف قبل وقته؛ لاعتقاد جوزاه، ومن ها هنا قطعوا بحصول العلم فجعلوا المقدمة الثانية ضرورية.


(قوله): «منع الثانية وهي بطلان اللازم إن أراد العلم القطعي» وذلك لأن المكلف لا يعلم أنه مكلف علماً جازماً لا احتمال فيه مطابقاً؛ إذ لا طريق للمكلف إلى ذلك.

وإن أريد بالعلم الاعتقاد الجازم وإن لم يطابق توجه منع الملازمة، فيقال: بل قد علم المكلف ذلك؛ لجواز أن يجزم المكلف ببقائه ... إلخ، أو يجزم بالتكليف قبل وقته - أي: وقت التكليف - لاعتقاده جواز الجزم، ولا يخفى بعد هذا الاحتمال.

(قوله): «ثابتاً» أي: لا يحتمل النقض.

(قوله): «ومن هنا» أي: من أنهم⁣[⁣١] لم يريدوا العلم القطعي فقطعوا بحصول العلم الذي هو أعم من الجازم المطابق أو غيره فجعلوا الثانية ضرورية، لكن تفسيرهم للضرورية بأنها معلومة بالضرورة من الدين كما ذكره في شرح المختصر والجواهر مشعر بأن قطعهم ليس لإرادة الاعتقاد مطلقاً.


(١) توضيحه: أن المكلف يعلم بطول أمله بأنه مكلف بالصلوات المستقبلة قبل دخول وقتها، وقد يحول بينه وبين بلوغه الوقت انقضاء أجله قبله، فلا ملازمة؛ لأنه علم بأنه مكلف، والآمر - وهو الله تعالى - بالصلاة عالم بأنه غير مكلف بالصلوات المستقبلة؛ لأنه عالم بانقضاء أجله قبله، فلا يلزم من علمه بأنه مكلف أن يكون مكلفاً في نفس الأمر، والله أعلم.


[١] لعل مراد المؤلف بالإشارة بهنا إلى القريب فتأمل. (ح عن خط شيخه). وما ذكره المحشي غير صحيح مع التأمل؛ إذ يؤدي إلى القطع بالشيء بسبب الكذب نفسه. (حسن بن يحيى. ح).