هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان المحكوم عليه وأحكامه

صفحة 8 - الجزء 2

  والإعجاز إما ذاتي لحقيقة القرآن أو لازم بين لها؛ لأن من تعقل القرآن وعرف حقيقته مع الإعجاز⁣(⁣١) علم لزوم الإعجاز له قطعاً⁣(⁣٢)، بل من تعقله على ما ينبغي علم أنه معجز، فأقل أحوال الإعجاز أن يكون لازماً بيناً للقرآن: إما بالمعنى الأخص، وهو أن يكون مجرد تعقل الملزوم كافياً في تعقل اللازم⁣(⁣٣)، أو بالمعنى الأعم، وهو أن يكون تعقل الملزوم واللازم كافياً في الجزم باللزوم⁣(⁣٤).

  وعدم تعقل الإعجاز لعدم تعقل حقيقة القرآن كما هو شأن عوام المؤمنين لا يقتضي أن لا يكون بيناً، فاندفع ما قيل⁣(⁣٥) من أن كونه للإعجاز ليس لازماً بيناً


(قوله): «والإعجاز إما ذاتي ... إلخ» هكذا في الجواهر دفعاً لاعتراض شارح المختصر والتفتازاني المشار إليه بقوله فيما يأتي: فاندفع ما قيل ... إلخ.

(قوله): «لأن من تعقل القرآن وعرف حقيقته مع الإعجاز ... إلخ» هذا هو معنى اللزوم البين بالمعنى الأعم⁣[⁣١].

و (قوله): «بل من تعقله» أي: تعقل القرآن ... إلخ، وهذا معنى اللزوم البين بالمعنى الأخص؛ ولهذا ترقى المؤلف # في العطف بلفظ بل.

(قوله): «وهو أن يكون تعقل الملزوم واللازم ... إلخ» لم يذكر النسبة هنا، وقد ذكرها فيما سبق في مباحث المنطق فينظر.

(قوله): «كما هو شأن عوام المؤمنين ... إلخ» قال في الجواهر: ولهذا قال الله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}⁣[العنكبوت: ٤٩]، قال: فلا يكون تعقل حقيقة القرآن إلا في صدور الذين أوتوا العلم، فيكون تعقل حقيقته إما عين تعقل كونه آيات بينات أو هو مستلزم لكونه آيات بينات، ومن البين أن تعقل كونه آيات بينات يوجب تعقل كونها معجزات قاطعات، وإلا لم يكن آيات بينات، فيكون إعجاز القرآن إما ذاتياً لحقيقة القرآن أو لازماً بيناً لها.

(قوله): «فاندفع ما قيل ... إلخ» وهذا الاعتراض مبني على أنه أريد تمييز حقيقة الكتاب، وأما لو أريد تصوير مفهوم لفظ الكتاب بالنسبة إلى من يعرف الإعجاز والسورة فهو صحيح، ذكره في شرح المختصر.


(١) وهو إظهار صدق النبي ÷ في دعواه الرسالة، مجاز عن إظهار عجز المرسل إليهم عن معارضته⁣[⁣٢]. (محلي).

(٢) هذا اللازم بالمعنى الأعم؛ لأنه لا يعلم التلازم فيه إلا بعد العلم بتعقل كل واحد من اللازم والملزوم، بخلاف اللازم بالمعنى الأخص فيكفي تعلق الملزوم.

(٣) كما يلزم من تصور البصر تصور العمى.

(٤) كزوجية الأربعة، فإن العقل بعد تصور الأربعة والزوجية ونسبة الزوجية إليها يحكم جزماً أن الزوجية لازمة للأربعة.

(٥) القائل في الموضعين العضد.


[١] لأنه لا يعقل التلازم فيه إلا بعد تعقل كل واحد من اللازم والملزوم، بخلاف اللزوم بالمعنى الأخص فإنه يكفي تعقل الملزوم.

[٢] أي: الذي هو المعنى الحقيقي للإعجاز لغة، وهو مجاز مرسل علاقته السببية. (من حاشية العطار على شرح المحلي).