هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان المحكوم عليه وأحكامه

صفحة 7 - الجزء 2

  لعدم صدق التعريف من دونه على أبعاض القرآن، وخروجها لا يناسب غرض الأصولي؛ لأن الاستدلال إنما هو بالأبعاض لا بالمجموع من حيث هو مجموع.


(قوله): «لعدم صدق التعريف من دونه» أي: من دون المضاف، يعني من دون اعتباره أصلاً، وليس المضاف يعود إلى التصريح؛ لأن الحد يصدق على الأبعاض وإن لم يصرح بالمضاف بل قدر كما في عبارة ابن الحاجب، فإنها صدقت على الأبعاض لحملها على حذف المضاف كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى.

(قوله): «على أبعاض القرآن ... إلخ» بيان ذلك: أنه لو لم يعتبر المضاف كان الضمير للكلام، ومن للتبعيض، وكان الكتاب اسماً للمجموع الشخصي المؤلف من السور، فيخرج بعض القرآن وإن كان ذلك⁣[⁣١] البعض مشتملاً على سور متعددة كالنصف مثلاً، وذلك لأن التحدي وقع بسورة من كل القرآن أي سورة كانت، فلا يصدق على البعض كالنصف والربع مثلاً أنه الكلام المنزل للإعجاز بأي سورة من جميع ما أنزل.

وأما مع اعتبار المضاف فإنه يكون المعنى للإعجاز بسورة من جنس ذلك الكلام في الفصاحة وعلو الطبقة، فيكون الكتاب اسماً للمفهوم الكلي الصادق على المجموع وعلى أي بعض يفرض كما هو المناسب لغرض الأصولي؛ إذ الاستدلال إنما هو بالأبعاض. قال السعد: إلا أنه يصدق التعريف حينئذ على مثل: قل وافعل ولا يسمى كتاباً بمعنى قرآناً في عرف الشرع.


= فيخرج بعض القرآن عن كونه وحده قرآناً؛ فإن التحدي بسورة من كل القرآن أي سورة كانت غير مختص ببعض، فلا يصدق على النصف الأول مثلاً أنه الكلام المنزل للإعجاز بسورة منه، وهذا كلام دقيق يظهر لمن نظره بعين التحقيق. (قسطاس).

(*) وبعد فإن العبد الفقير إلى عفو ربه أحمد بن محمد بن إسحاق ستر الله عيوبه لما رأى تعليل ابن الإمام قدس سره لتصريحه بلفظ جنس في قوله: (للإعجاز بسورة من جنسه) وأن وجهه إفادة شمول الأفراد من الكتاب العزيز التي هي غرض الأصولي - لم يظهر لذهنه القاصر ثمرة لمثل ذلك؛ إذ الغرض تحديد الكتاب من حيث هو، وقد تبين أن المقصود في الحدود إنما هو تبيين الماهية من حيث هي هي، ولا ملاحظة فيها لفرد ولا لأفراد، والذي يفهم مما ذكره ابن الإمام # وشارح المختصر وشارح الشرح التلازم بين تمام غرض الأصولي من الاستدلال بالأفراد وإرادتها من الحد، والذي يظهر عدم التلازم؛ إذ استدلال الأصولي بالأفراد لا يتوقف على إرادته لها من حد الكتاب، بل لو حد به ماهية الكتاب من حيث هي كما هو المناسب للصناعة الميزانية واستدل بالأفراد لما منع عدم الإرادة الاستدلال بها؛ إذ الاستدلال بالأفراد غير واقف على ذلك، بل الاستدلال بالأفراد واقف على أمر آخر، وهو صدق المبلغ المفروغ منه.

والحاصل: أنه لم يتضح لي فائدة من قصد الأفراد من تحديد الكتاب، وهذا كله بناء على مقتضى ما ذكروه وإن كان الجلال وغيره قد منعا تحديد الكتاب وأسنداه بعلميته.


[١] الظاهر أن المراد بخروج بعض القرآن خروج سورة واحدة فما دون؛ لأنه وإن كان كلاماً منزلاً للإعجاز لكن ليس بسورة منها، بل من جنسها، وأما السورتان فصاعداً فإنه يصدق عليه أنه منزل للإعجاز بسورة منه؛ إذ لا مانع أن يقع التحدي بأحد سور هذا البعض، وما ذكره المحشي من أن الإعجاز إنما هو بأي سورة من جميع ما أنزل غير مسلم. (حسن بن يحيى). وقد ذكر السؤال السعد وأجاب عنه بأنه إنما وقع التحدي بسورة أي سورة من كل القرآن، يعني غير معينة. (حسن ح).