هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في تواتر القراءات السبع]

صفحة 27 - الجزء 2

  واحد عن واحد⁣(⁣١).

  (و) الجواب: أنا (لا نسلم أن إسنادها آحادي⁣(⁣٢)؛ إذ لا يلزم حصر أهل التواتر) وإلا لزم أن لا يحصل العلم بالأمم الماضية والأقطار النائية إلا بحصر كل مرتبة من مراتب الناقلين وتدوين عدد في كل مرتبة يحيل العقل تواطؤهم على الكذب، وهو باطل قطعاً.

  احتج ابن الحاجب: بأن ما كان من قبيل الهيئة كالمد⁣(⁣٣) والإمالة يبعد أن يصدق عليه بعض القرآن، فلا يلزم تواتره، بخلاف جوهر اللفظ كملك ومالك ويقص ويقضي⁣(⁣٤)، فوجب تواتره.


(قوله): «إذ لا يلزم حصر أهل التواتر ... إلخ» دفع لقولهم: إذ لم يوجد في كتب القراءات ... إلخ، يعني لا يلزم ذكر عدد أهل التواتر وضبطها في الكتب المدونة حتى يرد ما ذكروا من عدم وجدان حصر أهل التواتر فيها؛ إذ ليس ذكر عددهم في الكتب بشرط مع كون الواقع قد حصل فيه الكثرة التي يحيل معها العقل التواطؤ على الكذب.

(قوله): «ويقص ويقضي» يعني في قوله تعالى في سورة الأنعام: {مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ}⁣[الأنعام: ٥٧]، في قراءة الحرميين وعاصم بالصاد المهملة، والباقون بالضاد المعجمة مكسورة، والوقف للجميع بغير ياء اتباعاً للخط⁣[⁣١]. قلت: فما وجد في بعض النسخ من إثبات الياء خطاً ليس على ما ينبغي.


(١) تقرير السؤال: أنها وإن تواترت إلينا من السبعة فإسنادها إلى الرسول ÷ آحادي؛ لأن من يروون عنه عدد قليل. (من شرح الغاية لابن جحاف |).

(٢) إذ لو كان آحادياً كان ثبوت قرآنيته ظنياً، وكل ظني لا ينفى عنه الريب، وقد نفاه قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ}⁣[البقرة: ٢]، وهذا دليل قوي، لكن الجزري نقل عن المحققين عدم اشتراط التواتر، فجعل القراءة الصحيحة ما صح سندها ووافقت رسم المصحف وكان لها وجه فصيح في العربية، فينظر في ذلك. (لسيدي عبدالقادر بن أحمد).

(٣) يعني بالمد هنا ما وقع من اختلاف القراء في أن الألف والواو والياء الساكنتين إذا كان بعدهما همزة إلى أي مقدار يمد. (سعد).

(٤) في نسخة: (ويقض)، وهي الصواب.


[١] وجد بخط المحشي على هامش شرح الغاية قلت: لأن الياء محذوفة في الوصل من اللفظ فيوقف عليه بغير ياء كما ذكره. إذا عرفت ذلك فالياء التي في بعض نسخ هذا الشرح غلط، وفي الكشاف: وكتابتها بغير ياء، ولفظه: «يقض الحق» أي: القضاء الحق في كل ما يقضي من التأخير والتعجيل في أقسامه، وهو خير الفاصلين أي: القاضين، وقرئ: «يقص الحق» أي: يتبع الحق والحكمة فيما يحكم به ويقدره، من قص أثره. (ح).