هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في تواتر القراءات السبع]

صفحة 26 - الجزء 2

  وغيره. وقال ابن الحاجب والقرشي: الأصل متواتر لا الهيئة.

  احتج الأولون: بأن العادات قاضية بأن الأمر المهم العظيم تتوفر الهمم والدواعي على إشاعته ونقل تفاصيله متواتراً، وكل واحد من ملك ومالك من القرآن فيجب تواتره، وتخصيص أحدهما بالتواتر وكونه من القرآن تحكم باطل.

  وأيضاً (للقطع بأنه يسمعها) أي: يسمع كل واحدة من القراءات السبع (أهل كل عصر عن سابقيه) أي: سابقي ذلك العصر (بلا حصر) لمرتبة من مراتب التواتر؛ إذ لم يزل التعليم والتعلم في الأمة في الأقطار المتباعدة بكل واحدة من القراءات السبع، يعلم ذلك ولا يمكن إنكاره، واشتهار بعض ببعض لا يوجب اختصاصه به.

  احتج النافون: بأن إسنادها آحادي؛ إذ لم يوجد في كتب القراءات إلا إسناد


(قوله): «وغيره» الإمام يحيى #[⁣١].

(قوله): «بلا حصر لمرتبة» يعني فيمتنع التواطؤ على الكذب، فيفيد القطع.

(قوله): «واشتهار بعض» أي: بعض القراء كنافع مثلاً «ببعض» أي: بعض القراءات، هذا دفع لما يقال: القراءات وإن تواتر نقلها منا إلى واحد من القراء فنقل ذلك الواحد إنما يفيد الظن.

ووجه الدفع أن قراءة ذلك الواحد كنافع مثلاً لا يختص نقلها به في وقته، بل نقلها أهل عصره أيضاً، وإنما اختص نافع بمزيد اختصاص فاشتهر بها لذلك، والاشتهار لا يوجب اختصاص النقل به، وكذا يقال في كل واحد من سائر القراء.

قال الإمام الحسن # في القسطاس: بقي هنا إشكال، وهو أن ما ذكرتم من أن ما لم ينقل تواتراً فليس بقرآن قطعاً يقتضي تكفير من أثبت القراءة الآحادية أو قرأ بها؛ لإثباته ما ليس بقرآن قطعاً، والمعلوم خلافه، وإلا لنقل، بل يلزم منه أيضاً تخطئة من عمل بها؛ لأن المسألة قطعية لا مجال للاجتهاد فيها.

قال شيخنا |: كيف وقد روى الجزري عن الجمهور أن القراءة الصحيحة ما صح سندها ووافقت المصاحف العثمانية لفظاً أو تقديراً بأن يحتملها الرسم ووافقت العربية بوجه، وأنه لا يشترط في صحتها التواتر، وأنه لا يجوز إنكارها سواء كانت عن السبعة أو العشرة أو عن غيرهم من الأئمة المقبولين.

قال شيخنا |: إذا عرفت هذا فالصحيح أن مراد من قال: فمن زاد أو نقص كفر هو من زاد سورة أو آية أو آيتين أو نقص ذلك كفر؛ لرده ما علم ضرورة أنه من القرآن قطعاً أو ليس منه قطعاً.

وأما آية البسملة فقوة الشبهة من الجانبين منعت من الإكفار، وأما خلاف ابن مسعود في المعوذتين وأبي في الفاتحة فإنما هو في إثبات ذلك في المصحف، لا في كونها قرآناً فهو مجمع عليه، فتقرر أن القراءات الآحادية الناقل لها الثقات لا تكفير بها ولا تفسيق لعدم دليل ذلك، بل غايته التخطئة.


[١] ونجم الأئمة الرضي. (ح).