[انقسام القرآن إلى محكم ومتشابه]
  [آل عمران: ٧]، وقد حكى ابن حبيب النيسابوري في المسألة ثلاثة أقوال:
  أحدها: ما ذكرناه، وهو الصحيح.
  وثانيها: أنه محكم كله؛ لقوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}[هود: ١].
  وثالثها: أنه متشابه كله؛ لقوله تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا}[الزمر: ٢٣].
  والجواب عن الآيتين: أن المراد بإحكامه إتقانه وعدم تطرق التناقض والاختلاف إليه، وبتشابهه كونه يشبه بعضه بعضاً في الحق والصدق والإعجاز.
  وقال بعضهم: الآية لا تدل على الحصر في الشيئين؛ إذ ليس فيها شيء من طرقه، وقد قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، والمحكم لا تتوقف معرفته على البيان، والمتشابه لا يرجى بيانه. وهو بناء على أن المحكم مقصور على النص، والمتشابه على ما لا يمكن الاطلاع عليه، والصحيح خلافه.
  (فالأول) وهو المحكم: (متضح المعنى(١)، والثاني) وهو المتشابه: (مقابله) أي: غير متضح المعنى؛ لأن اللفظ الذي يقبل معنى إما أن يحتمل غيره أو لا، الثاني النص.
  والأول إما أن تكون دلالته على أحدهما راجحة أو لا، الثاني المجمل.
  والأول إن كان المراد فيه الراجح فهو الظاهر(٢)، وإلا فهو المؤول.
  فالمشترك بين النص والظاهر هو المحكم، والمشترك بين المجمل والمؤول هو المتشابه.
  وذلك لأنه تعالى أوقع المتشابه مقابلاً للمحكم، فيجب أن يفسر بما يقابله.
(قوله): «والمتشابه لا يرجى بيانه» وحينئذ لا بد من واسطة يقع بها البيان.
(قوله): «فالمشترك بين النص والظاهر هو المحكم» لأن المحكم يطلق عليهما باعتبار الرجحان، ويتميز النص عن الظاهر بأنه لا يحتمل غير ذلك المعنى، بخلاف الظاهر فإنه يحتمله وإن كان مرجوحاً.
(قوله): «والمشترك بين المجمل والمؤول» فإنه يراد به عدم الرجحان، ويمتاز المجمل عن المؤول بأنه متساو بالنسبة إلى الكل؛ لعدم القرينة، والمؤول مرجوح؛ فإن القرينة تشعر بخلافه.
(١) نصاً كان أو ظاهراً، نحو: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣]، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}[الأعراف: ٢٨]، كذا في الحواشي.
(٢) كالأسد، والغائط للخارج المستقذر بعد أن كان للمكان المطمئن.