[الكلام في فعل الرسول ÷ هل هو دليل شرعي في حقنا]
  ورفع الحرج عن الفعل والترك إلا ما دل دليل على تغييره، ولا دليل عليه، بل دل الدليل على عدمه (و) ذلك لأن (انتفاء الحرمة والكراهة من فعله) كالمعلوم في حقه؛ لأن وقوع ذلك من آحاد عدول المسلمين نادر، فكيف بأشرف المرسلين ÷؟ (وزيادة الوجوب والندب) زيادة (بلا ثبت) فوجب نفيها بحكم الأصل والوقوف عندما هو متحقق به.
  وما ذكروه (مدفوع بأنهما الغالب من فعله) يعني لا نسلم أن الوجوب والندب زيادة بلا دليل؛ لغلبتهما على أفعاله ÷ وقلة ما عداهما فيها.
  احتج ابن الحاجب: بأنه إن ظهر قصد القربة ثبت الرجحان، والمنع من الترك لا يكون إلا بدليل، والأصل عدمه، والرجحان بلا منع من الترك هو الندب.
  وإن لم يظهر قصد القربة فالجواز؛ لبعد المعصية(١)، وانتفاء الوجوب والندب بالأصل.
  وقد يجاب: بأن ظهور القربة يخرجها(٢) عن التجرد عن معرفة الوجه الذي هو محل النزاع؛ لأن القربة لا تتصور إلا إذا ترجح الفعل على الترك، وهو مع عدم المنع من الترك بحكم الأصل عين الندب.
(قوله): «متحقق به» أي: بحكم الأصل، وهو الإباحة.
(قوله): «لغلبتهما» علة قوله: لا نسلم ... إلخ، فالحمل على ما هو الغالب هو الأولى.
لا يقال: فيتردد بين الوجوب والندب؛ لأنا نقول: هما وإن استويا في الاتصاف بالغلبة بالنسبة إلى المباح لكن المندوب أغلب من الوجوب كما ذكره المؤلف فيما سيأتي، فيحمل عليه، أو نقول: المراد بهذا الجواب هدم دليل القائل بالإباحة، وقد حصل وإن لزم منه التردد بين الوجوب والندب. والجواب الأول أولى، والله أعلم.
(قوله): «بالأصل» أي: بأن الأصل عدم المنع من الترك كما في الوجوب، وعدم رجحان الفعل على الترك كما في الندوب.
و (قوله): «هو» أي: ترجيح الفعل على الترك.
(قوله): «بحكم الأصل» متعلق بعدم، أي: عدم بحكم الأصل المنع من الترك؛ إذ لا يكون المنع من الترك إلا لدليل، والأصل عدمه، فيعدم الوجوب.
(١) وفي نسخة: لتعذر المعصية.
(٢) أي: أفعال النبي ÷.