هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]

صفحة 76 - الجزء 2

  لأن الفرض عدم تكرر الفعل، وقد وقع منه ÷ مرة (وإن تقدم فكأول الأول) أي: فالكلام فيه في حقه ÷ كأول أصناف القسم الأول في نسخ الفعل له مع التراخي وإلا امتنع سواء كان نصاً فيه أو لا.

  لا يقال: يكون الفعل مع عدم التراخي تخصيصاً له⁣(⁣١) عن عموم القول إذا كان تناوله له بطريق الظهور؛ لأنه يقال: قد صار الفعل مع دليل التأسي عاماً معارضاً للقول العام، ولا يجوز إلا بتراخٍ، اللهم إلا أن يكون دليل التأسي متراخياً عن الفعل جاز أن يكون الفعل في حقه تخصيصاً ودليل التأسي في حقنا ناسخاً.


(قوله): «قد صار الفعل مع دليل التأسي عاماً» كأنه قال: يجوز فعل الاستقبال لكل أحد، فيكون معارضاً لقوله ÷: «لا يجوز لأحد الاستقبال» لا مخصصاً له. واعلم أنه قد تقدم في القسم الثاني امتناع نظير هذا، وذكر المؤلف # لامتناعه علة أخرى، وهي أنه يكون عبثاً أو بداء، فينظر هل تجري هذه العلة هنالك وتلك هنا أو لا؟

(قوله): «ولا يجوز» الظاهر أن المراد أنه لا يجوز التخصيص⁣[⁣١] مع كونهما عامين، وهذا ظاهر، وهو مقتضى ما سيأتي للمؤلف # في بناء العام على الخاص من أنه قسمان: إما أن يكون كل واحد منهما أعم من الآخر مطلقاً، وإما أن يكون كل واحد منهما أعم من وجه، ولم يذكر ما إذا كانا عامين معاً لامتناع كون أحدهما مخصصاً بالآخر، لكن هذا التفسير لا يلائمه قوله: إلا بتراخ؛ لأنه مع التراخي لا يجوز التخصيص أيضاً، بل يكون المتراخي ناسخاً. قلت: هذا إيراد قوي، وإن حمل قوله: «إلا بتراخٍ» على أن المراد تراخي دليل التأسي لم ينتظم بعده قوله: اللهم إلا أن يكون ... إلخ، ولو حذف المؤلف # قوله: إلا بتراخ⁣[⁣٢] لاستقام الكلام.

وقد يجاب: بأن قوله: إلا بتراخ نسخة، وقوله: اللهم إلا أن يتراخى ... إلخ نسخة أخرى بدل عنها لكونها أوضح منها، فجمع بينهما الناسخ. وأما حمل قول المؤلف #: «ولا يجوز» على أن المراد لا يجوز تعارضهما⁣[⁣٣] فغير مناسب للمقام؛ لأن الكلام في التخصيص، مع أنه غير صحيح؛ لأنه سيأتي في باب الترجيح أن العام الشرطي مرجح على غيره، والجمع باللام والموصول على الجنس باللام ونحو ذلك، والترجيح فرع جواز التعارض بين العمومين.

(قوله): «اللهم إلا أن يكون دليل التأسي متراخياً ... إلخ» إذ يصح التخصيص حينئذ بالفعل؛ لأنه مع تراخي دليل التأسي خاص؛ لأن العموم إنما نشأ من الفعل مع دليل التأسي.


(١) أي: النبي ÷.


[١] الظاهر أن الضمير في قول المؤلف: «ولا يجوز» - عائد إلى الفعل فتأمل، فإن كلام القاضي فيه خلط. (ح عن خط شيخه).

[٢] يقال والله أعلم: بل ذلك عمدة، وهو المناسب، ويكون المراد لا يجوز صيرورته عاماً معارضاً إلا بتراخ، بأن ينسخه أو يخصصه فقط، لا التعارض العام، بل الذي نحن فيه، فتأمل، فيندفع قول السائل: يكون الفعل مع عدم التراخي مخصصاً، فقوله: إلا بتراخ عمدة الجواب. (حسن بن يحيى الكبسي ح).

[٣] أي: العمومين. (ح).