[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]
  إن شاء الله تعالى.
  (الرابع(١)) من الأقسام الأربعة - وهو حيث دل دليل على تأسي الأمة به دون التكرار(٢) - ثلاثة أصناف: أحدها: القول (الخاص به) وحكمه (كأول) أصناف القسم (الأول، و) الآخران - وهما الخاص بنا والعام - الحكم فيهما أنه (لا يعارض في حقه) القولُ (الخاص بنا) الفعلَ (مطلقاً) سواء تقدم أو تأخر(٣)، وهو ظاهر.
  (و) كذلك القول (العام) له ولأمته لا يعارض في حقه الفعل(٤) (إن تأخر)
(قوله): «كأول أصناف القسم الأول» وهو حيث كان القول خاصاً به: إن تأخر القول فلا معارضة في حقه ÷ لعدم التكرر كالصنف الأول، كأن يفعل فعلاً ثم يقول: لا يجوز لي مثل هذا الفعل. وأما في حقنا فلا تعارض أيضاً، لكن في الصنف الأول لعدم وجوب التأسي به ÷، وأما في هذا الصنف فالتأسي ثابت لكن لما نسخ الفعل في حقه وحرم عليه فلا تأسي، وهذا يؤيد ما أشرنا إليه في القسم الثاني فتأمله. وإن تأخر الفعل فناسخ في حقه مع التمكن، وإلا امتنع، فإن جهل فالمختار القول؛ نفياً للنسخ.
(قوله): «القول الخاص» فاعل يعارض، ومفعوله الفعل.
(قوله): «إن تأخر» أي: القول العام، كأن يفعل فعلاً ثم يقول: لا يجوز هذا الفعل لأحد، فلا تعارض في حقه لعدم التكرر، وأما في حقنا فسيأتي بيان الحكم فيه في قوله: وفي حقنا المتأخر ناسخ ... إلخ، سواء كان في الخاص بنا أو العام لنا وله مع تقدم القول وتأخره.
(قوله): «وإن تقدم» أي: القول نحو أن يقول: الاستقبال حرام علي وعليكم أو على كل أحد ثم يفعل، فالفعل ناسخ في هذه الصور جميعاً مع التراخي؛ بأن يمضي وقت يمكن فيه الكف عن الفعل.
(قوله): «فكأول الأول» أي: كأول أصناف القسم الأول، وأنت خبير[١] بأن هذا - أعني تقدم القول - إنما هو بعض من أول أصناف القسم الأول؛ لأن أول أصناف القسم الأول مشتمل على صنفين: الأول منهما: تأخر القول، وليس هذا مثله؛ لأن الحكم هناك أنه لا تعارض، والصنف الثاني: تقدم القول. وهذا هو الذي بينه وبين ما نحن فيه مشابهة؛ لحصول النسخ بالفعل هنا وهناك مع التراخي، فالمؤلف # قد تسامح في قوله: كأول الأول، وكأنه لظهور المراد.
(١) عكس الثالث.
(٢) نحو أن يستقبل ويقول: لا حرج عليكم في أن تفعلوا كفعلي في هذه الحال، ثم يقول: الاستقبال محرم علي خاصة، ويقوله بعد الفعل، فلا تعارض هنا في حقه ولا حقنا. (منهاج).
(٣) أو جهل؛ لعدم تعلق حكم القول به. (نظام).
(٤) لأن الفعل على أصل الإباحة. (نظام).
[١] هذه المشاحة لا طائل تحتها؛ إذ الاعتماد على ظهور المعنى، وأيضاً المراد أن حكم هذا الصنف - أعني تقدم القول - كحكمه في أول الأول، لا أن حكمه كحكم الأول نفسه. (حسن بن يحيى ح).