[مسألة في بيان حجية تقريراته ÷]
  الحال أو لا، إن علم إنكاره له - وذلك كمضي كافر إلى كنيسة - فلا أثر لسكوته ولا دلالة له على الجواز اتفاقاً، وإن (لم يعلم إنكاره له) من قبل (فلم ينكره) مع وقوعه من المكلف: فإن لم يكن قادراً على الإنكار فلا أثر لسكوته أيضاً بالاتفاق، وإن كان (قادراً(١) فإنه) أي: ترك الإنكار منه ÷ لذلك الفعل (يدل على جوازه) أي: جواز ذلك الفعل من فاعله مطلقاً، ومن غيره أيضاً إذا ثبت أن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة على المختار، سواء سبق ذلك الفعل تحريمٌ له أو لا (و) لكنه (إن سبق تحريم) له (فنسخ(٢)) أي: فالتقرير نسخ لذلك المحرم خصوصاً أو عموماً.
  وذهب قوم إلى أن الحكم المذكور مختص بالفاعل وحده، وآخرون إلى أن
(قوله): «فلم ينكره قادراً» جعل المؤلف # اشتراط القدرة لما لم يعلم إنكاره له لا فيما علم أنه منكر له كمضي كافر إلى كنيسة؛ إذ لا يظهر لكونه شرطاً له كثير فائدة؛ لأنه ÷ منكر له من غير شرط، وإنما الشرط علم المكلف بإنكاره ÷ وعدم نفع الإنكار لتصميم الفاعل على ما هو عليه.
وأما صاحب الفصول وابن الحاجب وغيرهما فجعلوا القدرة شرطاً فيما علم أنه منكر له، قال ابن الحاجب: إذا علم بفعل ولم ينكره قادراً فإن كان كمضي كافر ... إلخ، والله أعلم.
(١) لا حاجة إلى التقييد بقوله: قادراً؛ لأن المراد بالإنكار تقبيح الفعل، وهو مقدور دائماً، ولم يرخص للأنبياء $ السكوت عن تقبيح القبيح وإن رخص لهم ترك الجهاد في بعض الأحوال. (جلال). وفي شرح السبكي للمختصر نحو هذا حيث قال: واعلم أن ما ذكر المصنف من اشتراط كون النبي ÷ قادراً على الإنكار غير محتاج إليه، فقد ذكر الفقهاء أن من خصائصه ÷ عدم سقوط وجوب تغيير المنكر بالخوف على نفسه، وعدم السقوط في الحقيقة لأنه لا يقع منه خوف على نفسه بعد إخبار ربه تعالى بعصمته في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: ٦٧]. اهـ وقال الجلال أيضاً في نظام الفصول: ولا وجه لهذا القيد؛ لأن الأنبياء لم يبعثوا إلا للتبليغ، فلا يجوز عليهم السكوت قط؛ لأنه كتمان للتبليغ، وقد تقدم عصمتهم عنه [اتفاقاً].
(٢) إن لم يمكن التخصيص؛ بأن تراخى عن وقت الحاجة، وأما إذا أمكن التخصيص حمل عليه جمعاً بين الدليلين. (من شرح ابن جحاف).
(*) بشرط أن لا يعلم الفاعل سبق التحريم، وإلا كان عاصياً يجب الإنكار عليه. (سيدي عبدالقادر بن أحمد |).